1- الجمرة الخبيثة Anthrax
أصيب العالم بفزع شديد مع انتشار المسحوق الأبيض اللون والذي حمل رعب الإصابة بعدوى بكتيريا الجمرة الخبيثة، وتمّ تشكيل لجان مختصّة لدراسة بكتيريا Bacillus Anthracis المتسبّبة في الإصابة، كما إجراء مسح شامل لها لاكتشاف ماهيتها. وقد كشفت نتائج الدراسات البحثية التي أجريت آنذاك أن بعض السلالات التي نشرت هذه البكتيريا تختلف في بعض خصائصها عن جرثوم الجمرة الخبيثة الطبيعي بصورة تسهّل من رواجه، ما يزيد من معدّلات العدوى. وهذا الأمر دفع العلماء إلى المطالبة بالتوجيه الإيجابي للهندسة الوراثية ومناقشة أخلاقيتها.
الخصائص الطبيعية لهذه البكتيريا: يتواجد هذا النوع من البكتيريا في التربة ويتمتّع بقدرة خاصة على حماية نفسه في حال تغيّر الظروف البيئية، كتحمّل درجات الحرارة العالية والكثير من المواد الكيميائية. ويصنّف من بين الأمراض البيطرية التي تصيب الماعز والأغنام والماشية والحيوانات الأخرى التي تتغذّى بالعشب، وتصيب المرء صدفة وخصوصاً من يعملون بالصوف ويتعرّضون للحيوانات المصابة أو مشتقاتها.
طرق العدوى: تنتقل العدوى للحيوان مباشرةً إلى الدم عن طريق الأغشية المخاطية بالفم والأمعاء لتتكاثر مكوّنة أعداداً هائلة من البكتيريا مسبّبة قضاءه، في فترة تتراوح من يومين إلى 3 أيّام. وإذ يكون المرء عرضةً للإصابة مصادفة عن طريق التعرّض للحيوان المصاب قبل أو بعد موته، يعتبر الجلد أكثر أعضاء الجسم تأثّراً بها عن طريق المسام أو الجروح، كما الرئتين Pulmonary anthrax عن طريق استنشاق الجراثيم المنتشرة في الهواء أو المرتبطة بصوف الحيوانات المصابة.
الأعراض والمضاعفات: تظهر الأعراض في صورة بثور جلدية عند موضع الإصابة سرعان ما تتحوّل إلى حويصلة تحوي سائلاً شفّاف اللون، يتحوّل إلى سائل صديدي أصفر. ويبدأ لون السائل في التغيّر تدريجياً مع تطوّر الحالة، علماً أن الخطورة تكمن في انتشار المرض عبر الدم بعد ذلك مع عدم تلقّي العلاج المناسب، مسببّاً حالة تسمّم Septicaemia غالباً ما تؤدّي إلى الوفاة. أمّا في حالة الالتهاب الرئوي المدمم والقاتل Hemorrhagic pneumonia، فتكون الأعراض أكثر شراسة وخطورة.
العلاج وهوس المضادات الحيوية: دفع الخوف الذي اعترى البعض، مع انتشار الأخبار عن الجمرة الخبيثة في وسائل الإعلام، إلى التهافت على شراء أكثر من نوع من المضادات الحيوية، رغم أن بكتيريا الجمرة الخبيثة في صورتها الطبيعية تستجيب للبنسلين خصوصاً في مراحل المرض الأولى، ما زاد معدّل شراء هذه الأقراص والتي ارتفع ثمنها من 3 إلى 5 أضعاف مع تفاقم أزمة انتشار الميكروب! والجدير بالذكر أنه إذا كانت للبكتيريا المنتشرة سلالات محوّرة جينياً، فربما تكون لديها القدرة على مقاومة المضادات الحيوية والتي تعجز عن القضاء عليها حينها.
2- السارس SARS
عرف ب “المتلازمة التنفّسية الحادّة الوخيمة” أو “متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد”Severe Acute Respiratory Distress Syndrome، وهو مرض فيروسي يصيب جهاز التنفس ويسبّبه أحد أشكال فيروسات “الكورونا” Coronaviruses، فتنتقل العدوى إلى الجهاز التنفسي العلوي وتصبح أعراضها شبيهة بنزلات البرد. بدأ ظهور هذا الفيروس سنة 2003 بدول جنوب شرق آسيا، لينتشر بعدها مسبباً 8098 إصابة، وفق إحصائيات أصدرتها “منظمة الصحة العالمية”، قضى بينها 774 حالة!
طرق انتشار العدوى: ما تزال طرق انتشار فيروسات عائلة “الكورونافيروس” غير معروفة حتى اليوم، ولكن يبدو أن الطريقة الرئيسة لانتشار “السارس” هي الاتصال المباشر بين مصاب وآخر سليم عبر الإفرازات التنفسية. وتوصّل الباحثون إلى أن الفيروس المسبّب للسارس ينتقل بشكل أسهل وأسرع عن طريق الرذاذ أو إفرازات السعال أو عطس المصاب أو عن طريق لمس الأسطح الملوّثة ثم لمس الأنف أو الفم، بالإضافة إلى أنه يمكن أن ينتقل عبر الهواء.
أعراضه ومضاعفاته: تبدأ أعراض “السارس” في ارتفاع الحرارة أكثر من 38 درجة مئوية، يصاحبها آلام في الجسم وصداع وشعور بعدم الراحة، كما قد تظهر في بدايتها الأعراض التنفسية الخفيفة لدى البعض، وقد يعاني من 10 إلى 20% من المرضى من الإصابة بالإسهال. وتشمل الأعراض أيضاً: السعال الجاف والالتهاب الرئوي في غضون يومين إلى 7 أيّام من العدوى.
العلاج والوقاية: يغيب إجماع الأطباء على علاج معيّن لعدوى السارس، ولا تغيب احتمالية معاودة ظهوره مرّة أخرى.
3- انفلونزا الخنازيرH1N1
يصيب فيروس “انفلونزا الخنازير” الخنازير عادةً، وهو مهجّن ينتج عن تبادل المواد الوراثية بين الفيروسات المختلفة كانفلونزا الطيور والانفلونزا العادية وانفلونزا الخنازير الكلاسيكية. وتقوم الخنازير بدورها بنقل الفيروس ذي الصفات الجينية المحورة إلى البشر، خصوصاً العاملين بحظائر الخنازير أو ممّن يتواجدون حول الخنازير عن قرب. وما يزال حتى اليوم سبب انتشاره على هذا النحو الخطير مجهولاً!
طرق انتقال المرض: تنتقل العدوى بنفس الطريقة التي ينتقل بها فيروس الانفلونزا الموسمية، وذلك عن طريق الرذاذ الناتج عن عطس أو سعال المصاب أو عن طريق لمس الأشياء والأسطح الملوّثة بالفيروس ولمس العين أو الأنف أو الأذن بعدها.
الأعراض الإكلينيكية للمرض ومضاعفاته: تتشابه مع أعراض الانفلونزا الموسمية العادية، وتشمل: ارتفاع درجة الحرارة والرشح والسعال ورعشة وآلام الرأس والجسم وشعور بالإعياء والتعب واحتقان الحلق. وقد تصاحب الإصابة في بعض الأحيان أعراض الإسهال والقيء. كما قد تتسبّب في بعض الحالات الحادّة بحدوث التهاب رئوي. وتتراوح فترة حضانة الفيروس غالباً ما بين يوم إلى4 أيام. وتنتج المضاعفات عادةً عن تدهور الحالة الصحية للمصابين بالأمراض المزمنة كأمراض الجهاز التنفسي والقلب وضعف المناعة إذ يصبحوا أكثر عرضةً للوفاة.
العلاج والوقاية: لا بدّ من الإشارة إلى أنه لا يوجد لقاح يقي من انفلونزا الخنازير، وتقتصر هذه الأخيرة على غسل الأيدي مرّات عدّة وتجنّب لمس الأشياء الملوّثة وتجنب الاتصال بالمرضى. وتغيب التأكيدات المتعلّقة بفعالية اللقاحات المتوافرة لمكافحتها لأن فيروسات الانفلونزا بشكل عام تتغيّر بسرعة كبيرة. وتفيد دراسات “منظمة الصحة العالمية”، في هذا الإطار، أن نسبة تتراوح ما بين 20 و40% من سكان بعض المناطق الذين أصيبوا بفيروسH1N1 أصبحوا يمتلكون مناعة ذاتية تحميهم منه. وأثبت عقار “أوسيلتاميفير” Oseltamivir فاعلية كبيرة، في هذا المجال.
4- انفلونزا الطيور H5N1: مرض فيروسي حاد ومعدٍ، يصيب الطيور بأنواعها مسبباً هلاكها. وبعد أن كان يعتقد أن انفلونزا الطيور تصيب الطيور حصراً، تمّ اكتشافها في دم الإنسان للمرّة الأولى سنة 1997.
طرق انتقال العدوى: تنتقل العدوى عن طريق الإتصال المباشر بالطيور المصابة، حيث يخرج الفيروس من جسم الطيور مع فضلاتها، ويتحوّل إلى مسحوق يحمله الهواء.
أعراضه ومضاعفاته: تظهر على المصاب أعراض الانفلونزا العادية، ثم ما تلبث أن تتطوّر بسرعة في حال ضعف جهاز المناعة لمواجهة المرض. ومن بين أشهر مضاعفاتها: الالتهاب الرئوي.سبل الوقاية والعلاج: مضادات الفيروسات التي تستخدم في حالة الانفلونزا العادية.
جمع واعداد
د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
استاذ علم الحيوان الزراعي المساعد
قسم وقاية النبات
كلية الزراعة – جامعة سوهاج- مصر
التعليقات