السبت - الموافق 22 فبراير 2025م

وعد الآخرة وعلامة اقتراب زوال إسرائيل ” تفسير الشعراوي ” بقلم: هند درويش

قال تعالى: ” وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (الإسراء:4) الفساد الأول: الذي كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، أرسل عليهم أصحاب النبي، وقد قاتلوهم، وأخرجوهم (بنو النضير وقينقاع) عن أرض الحجاز” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً ” (الإسراء:5). ونتيجة لضعف المؤمنين، وتقصيرهم، ومعصيتهم، وبعدهم عن ربهم سمح لعدوهم ” اليهود” أن يقووا عليهم. ” ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ ” (الإسراء:6).

وبعد أن تخلَّوْا المسلمين عن منهج ربهم، وتحاكموا إلى قوانين وضعية، فسلَّط عليهم عدوهم عقاباَ لهم، فأصبحتْ الغلبة لليهود؛ لذلك يقول تعالى: ” ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ” (الإسراء: 6). فلم يَقُل الحق سبحانه: فرددنا، بل ” ثُمَّ رَدَدْنَا ” ذلك لأن لم يحدث بيننا وبينهم حروب لعدة قرون، منذ عصر الرسول إلى أن حدث وَعْد بلفور، الذي أعطى لهم الحق في قيام دولتهم في فلسطين، وكانت الكَرَّة لهم علينا في عام 1967. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ” أي: جعلنا لبني إسرائيل الغَلَبَة والقوة والنصر على المسلمين وسلّطناهم عليهم؛ لأنهم تخلوْا عن منهج ربهم، ” وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ” أمدّهم الله بالمال حتى أصبحوا أصحاب رأس المال في العالم كله، وأمدّهم بالبنين الذين يُعلِّمونهم ويُثقّفونهم على أعلى المستويات، وفي كل المجالات. ” وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ” تعني الدول الكبرى التي ساندت اليهود ضد المسلمين.

ومازالت الكَرَّة لهم علينا، وسوف تظل إلى أنْ نعود كما كُنَّا، عباداً لله مُسْتقيمين على منهجه، مُحكِّمين لكتابه، وهذا وَعْد سيتحقّق إنْ شاء الله، كما ذكرتْ فإذا كانت الكَرَّة الآن لليهود، لن تظل لهم الغَلبة، بدليل قول الحق سبحانه وتعالى: ” وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ” (الإسراء:104) اسكنوا الأرض: أي تفرقوا في معظم البلاد مشتتين بلا وطن، ولكن إذا اقتربت الساعة (من علامات الساعة) أن يجمعهم الله من كل البلاد في وطن قومي يجمعهم بعد أن كانوا مشتتين، إذن: ففكرة التجمُّع والوطن القومي التي نادى بها بلفور، هذه الفكرة في الحقيقة تمثل خدمة لقضية الإسلام، وتُسهِّل علينا تتبعهم وتُمكّننا من القضاء عليهم؛ لذلك يقول تعالى: ” فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخِرَةِ ” (الإسراء:7). ي: إذا جاء وقت الإفسادة الثانية لهم والأخيرة ، ” لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً ”

وفي الآية بشارة لنا أن الغلبة والقوة ستكون في النهاية للإسلام والمسلمين، وسننتصر على اليهود ونسترد المسجد الأقصى من أيديهم ولندمر كل ما شيدوه من مظاهر حضارتهم. إذن: فخروجنا الآن من المسجد الأقصى تصديق لِنُبوءَة القرآن، وكأن الحق سبحانه يريد أنْ يلفتنا: إنْ أردتُمْ أنْ تدخلوا المسجد الأقصى مرة أخرى، فعودوا إلى منهج ربكم وتصالحوا معه. كلمة الآخرة تدلُّ على أنها المرة التي لن تتكرر، ولكن يكون لليهود غَلَبة بعدها ابداَ، وليس بيننا وبين هذا الوعد إلا أن نعود إلى الله، ونتجه إليه كما قال سبحانه:” فَلَوْلا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ ” (الأنعام: 43).

بقلم: هند درويش
ماجستير في التفكر في القرآن الكريم وعلاقته بالتفكير الإبداعي

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك