كتب :- محمد زكي
مثلت إشادة اللجنة الدولية المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري أثناء انعقادها في جنيف، بدور سلطنة عُمان في تحقيق المساواة لكافة فئات المجتمع دون تمييز، تجسيداً واقعياً لاستراتيجية السلطنة في بناء الوطن.
فقد ثمنت اللجنة الدولية التقدم المحرز في سلطنة عُمان في كافة المجالات لا سيما التنموية، بتوفيرها للخدمات التعليمية والصحية لكافة فئات المجتمع العماني دون تمييز، وعلى دور حكومة السلطنة في تمكين المرأة وتوليها مناصب في مختلف قطاعات الدولة والقطاع الخاص.
ولم تأتي هذه الإشادة من فراغ، بل جاءت كنتيجة حقيقية لاستدامة البناء العُماني وفق الأنساق الاجتماعية الخاصة بالبلاد، إذ استطاع السلطان قابوس منذ توليه مهام الحكم في سلطنة عُمان أن يؤكد على حقيقة أن الإنسان هو صانع النهضة ولابد من تأكيد روح المواطنة لدية وقد ارتكزت الرؤية العُمانية في ذلك على إرادة المجتمع العُماني وتقاليده الموروثة التي تتجلى في الرضا الاجتماعي العام من جهة، وعلى روح العصر ومتطلبات ومنطق التاريخ المتطور على أسس علمية حديثة من جهة أخرى.
وقد جاءت النصوص الدستورية من النظام الأساسي للدولة مؤكدة على مفهوم الوحدة الوطنية. ففي المادة الثانية عشرة من الباب الثاني من النظام الأساسي أن “العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العُمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة” و “التعاضد والتراحم صلة وثقى بين المواطنين وتعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدى للفرقة أو الفتنة أو المساس بالوحدة الوطنية”.
وكانت أول خطوة للسلطان قابوس، أنه وجه نداء لكل عُماني بالعودة إلى وطنه وعقد الولاء للوطن واختياراته النهضوية. وفي هذا السياق أعلن عن عزم الدولة على إعادة الجنسية لمن فقد جنسيته باعتبارها أول خطوة للتمتع بصفة المواطنة.
وقد تضمن هذا النداء قضايا هامة منها: الدعوة إلى صفوف الوحدة في سلطنة عُمان وهو ما يشير إلى أن مفهوم المواطنة مرتبط بتلك الوحدة وبخطط التنمية الشاملة، وأن يكون من أهداف العودة الولاء للبلاد لبدء مرحلة جديدة من تاريخها واختياراتها الجديدة في النهضة والتقدم.
وفي هذا السياق نصت المادة (15) من النظام الأساسي للدولة على “الجنسية ينظمها القانون ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا في حدود القانون” والمادة (16) ” لا يجوز إبعاد المواطنين أو نفيهم أو منعهم من العودة إلى السلطنة “.
وقد تجذرت فكرة المواطنة والمواطن من خلال تأكيد السلطان قابوس عليها في خطبة السنوية في العيد الوطني للبلاد وهو الثامن عشر من نوفمبر من كل عام، حيث يحل في نوفمبر المقبل العيد الوطني الـ 46 والذي يتوج مسيرة أربعة عقود وست سنوات من البناء والتنمية.
فقد أعلن السلطان قابوس في خطابه في 18/11/1995، أن النجاح في توحيد المجتمع وإشاعة روح المواطنة بين أبنائه هو السبيل لمواصلة المسيرة نحو آفاق المستقبل وحذر من قضايا تفتيت الوحدة الوطنية وطلب من المواطنين: الابتعاد عن الرياح الغربية والمفاهيم المستوردة. والابتعاد عن كل ما من شأنه انقسام المجتمع إلى شيع وأحزاب. وتعميق العلاقات الاجتماعية بين المواطنين. وأن المواطنة تنافي ارتكاب الجرائم.
ونصت المادة (17) على “المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي”.
كما كفلت مواد الدستور في الباب الثالث “الحقوق والواجبات العامة” حريات القيام بالشعائر الدينية طبقًا للعادات المرعية مصونة على ألا يخل ذلك بالنظام العام، وحرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون، وحرية الاجتماع وحق تكوين الجمعيات وكل ذلك في إطار القانون.
إجمالي القول أن الخطاب السياسي العُماني أكد على أهمية تعميق فكرة المساواة والمواطنة لبناء النهضة والتنمية ودعّمها في ذلك النصوص القانونية في النظام الأساسي للدولة.
التعليقات