الجمعة - الموافق 22 نوفمبر 2024م

اكتشاف مخطوطتين بولاية منح تعود الى القرن السابع عشر

 

اكتشاف مخطوطتين بولاية منح عمر الأولى أربعة قرون والثانية 180 عاما

كتب :- محمد زكي

حصل باحث من ولاية منح بسلطنه عمان  على مخطوطتين أصليتين، يمتلكهما مواطن ، تعود الأولى إلى القرن السابع عشر

الميلادي، وتحديدا فترة حكم الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، والذي امتد حكمه خلال الفترة من: 1624م – 1649م، تتضمن مادتها “خطبة عيد الأضحى المبارك”، والثانية أرجوزة نظمية، و”تيمينة” يقرأها الأطفال فرحة بقدوم العيد، تعود إلى ما قبل 176 سنة.

 

حيث تبدأ الخطبة التي تعود إلى فترة حكم الإمام ناصر بن مرشد اليعربي بالاستعادة والبسملة والتكبير، لغتها بليغة العبارة، مشحونة بالسجع الجميل، كتبت باللونين الأسود والأحمر، مع وضع علامات الترقيم على الحروف، وفواصل في نهاية كل جملة، جملها متناغمة في قافية واحدة، وكأنها قصيدة شعر، كما ورد في الخطبة ومنها: «الله أكبر، ما أقبل ليل وأدبر، وأشرق نهار وأسفر، وطلع هلال وأقمر، وتم قمر وأبدر، وأنجم غصن وأزهر، وأورق عود وأثمر، وسبح خلق وكبَّر. الله أكبر الله أكبر الله، لا إله إلا الله والله أكبر، ولله الحمد، الحمد لله الذي اختار لنفسه البقاء وارتضاه، وقدر الفناء على جميع خلقه فقضاه، وحكم فيهم بعدله فأمضاه، وساوى بالموت بين القوي والضعيف، وجعل التراب مأوى للدني والشريف، عدلا منه في قضيته، ووعدا سابقا في بريته ..» ألخ الخطبة الطويلة.

أما أرجوزة التيمينة فتبدأ بهذه الأبيات:
الحمد لله البديع الباري ..
الرب القدير القاهر الجبار
خالق الظلمة والأنوار ..
وعالم الإعلان والأســــــرار
بنا السموات بلا عماد ..
ووطد الأرضين بالأوتاد
أحمده على الذي أولانا ..
من فضله سبحانه مولانا
مع الصلاة والسلام الأطيب ..
على النبي الهاشمي اليثربي
ثم يكتمل الإنشاد في الأرجوزة النظمية، بالحث على تعلم العلم، ومعرفة الخالق جل وعلا، وأنه جل عن التكيف والأشباه ولا تحتويه جهة ولا أمكنة، ولا به من غفلة ولا سنة، وهو رب قديم واحد فرد صمد.
ثم راح يعدد حروف الهجاء ابتداء بالألف وكيفية كتابته فهو يقول:
والحرف مفهوم بمنطق اسمه ..
ووضعه مصور في رسمه
معجما بنقطة أو مهملا ..
منفردا في حقه أو مجملا
تنطق بالحرف كما تراه ..
مـؤتلفا أو مفـــــــــردا تقـراه
والواضح من هذه المخطوطة أنه مصدره بختم دائري أحمر، كتب فيه بقلم العبد الضعيف هلال بن علي بن محمد الرقيشي، ويفيد الختم أن المنظومة من تأليفه، وختمت المنظومة الطويلة بحرد المتن، سجل الناسخ فيه اسمه وتاريخ نسخه للمخطوطة، حيث نسخها عامر بن عبدالله بن ناصر بن سرحان بن سعيد أمبوعلي الإزكوي، أكمل نسخها نهار يوم الأحد بتاريخ 14 من ربيع الأول عام 1261هـ/‏‏ 1845م.
يقول الباحث خلفان بن سالم البوسعيدي، وهو باحث مهتم بجمع الوثائق والمخطوطات، وله العديد من الكتب والإصدارات البحثية، ومكتبته الشخصية المنزلية تحتفظ بآلاف الوثائق الأصلية المهمة، كتبت بخطوط كبار الأئمة والعلماء وغيرهم، يقول عن الوثيقة الأولى، وهي خطبة عيد الأضحى المبارك: إنها كانت تُقرأ في ولاية منح في عهد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، وتعتبر أثرا نادرا من الآثار الوثائقية في منح، كتبت في ورق مقوَّى، ووصلت إلينا في حالة سليمة جدا، حيث لم تتأثر بعوامل الزمن، كما لم تؤثر عليها الأرضَّة والرطوبة، وكلماتها واضحة للقراءة، فلقد اجتازت المراحل الزمنية بعقودها وقرونها المتعددة، لتبقى محتفظة بجمالها إلى هذا العهد، وكأنها الآن ارتفعت عنها أيادي الناسخ.
ويضيف الباحث خلفان البوسعيدي: هذه الوثيقة الخطية تدل على أصالة الشعب العماني، واهتمامه بهذه الآثار والأوراق الوثائقية، وهي كما يظهر من الخط كتبت بخط النسخ، وفي كلماتها تشكيل، أما نصها فمدعوم بالشواهد القرآنية والأحاديث النبوية، والحِكَم التي تدعو المسلم إلى الاتعاظ، وكأنما هي رسالة سلام وتسامح كتبت قبل أربعة قرون.
ويضيف الباحث خلفان: إن هذه الوثيقة سليمة منذ بدايتها وحتى نهايتها، ولم يتأثر فيها حرد المتن بأي خدش أو امحاء في الحروف أو تآكل أو ضياع أو تلف، وليس بها أي انقطاع.
وقال الباحث خلفان البوسعيدي أيضا: لقد حصلت على هاتين المخطوطتين من المواطن مرهون بن مصبح الحضرمي، حيث كان يحتفظ بهما ضمن تركة آبائه الثقافية، وكثير من الأسر العمانية تحتفظ بمخطوطات ووثائق مهمة، حصلوا عليها بالإرث من تركات الآباء، وأحمد الله أن هذا الإرث بقي محافظا على جماله، وقد تعاون معي مالك المخطوطتين، وسلمهما لي، وسأعمل على تسليمهما إلى «هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية»، لتصويرهما وحفظ نسخ ملونة منهما، وترميمهما أيضا، ومن ثم إعادتهما للمالك.
وقال سيف بن سالم البوسعيدي رئيس مجلس المؤسسين لمكتبة الشيخ محمد بن مسعود البوسعيدي بقرية الفيقين بولاية منح: إن المكتبة ستعمل على شراء الوثيقتين من مالكهما بعد ترميمهما، لتكونا ضمن ممتلكات المكتبة الثقافية.
وقال الباحث خلفان بن سالم البوسعيدي: إن ولاية منح كغيرها من المدن العمانية، تضم مخطوطات كثيرة، يحتفظ بها بعض الأفراد، فلقد قمنا بجمع أكثر من 5 آلاف وثيقة من ولاية منح، وتم تصوير ألف مخطوطة من 16 شخصا، بعضهم لديه 120 وثيقة، وآخر لديه 80 وثيقة.
ومما يلفت النظر أن كلا المخطوطتين كتبتا في أوراق طويلة، تم توصيلها ببعضها، حيث يبلغ طول خطبة عيد الأضحى 350 سم، أما طول التيمينة فيبلغ 160 سم، وعرض كل منهما 16 سم.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك