محمد زكى
يُعد الاستثمار في مجال الفلك إضافةً بالغةً في الأهمية في الوقت الذي تعمل فيه الدول على استثمار كافة قطاعاتها العلمية؛ لما لها من مردود إيجابي على جملة من القطاعات وما يتبع ذلك من مفردات كالمناخ وعوامل الطقس وماله من ارتباط بالتقنية والاتصال وغيرها من المجالات.
وهذا الأمر ليس ببعيد عن جهات الاختصاص في سلطنة عُمان الرسميّة منها والمدنية، خاصة أنه جزءٌ لا يتجزأ من المستقبل الذي يجعل القطاعات المكملة له تسعى لتحقيق جميع الأهداف التي تتوافق مع التطلعات العملية للدارسين والباحثين.
وهنا يأتي التساؤل عن الاستثمار في المجال الفلكي في سلطنة عُمان، حيث المُميّزات والتحفيز، في قطاعات شتّى من بينها الاشتغال على تاريخ عُمان العريق واستكشاف الفلك والفضاء، والبحوث والاكتشافات العلمية والسياحة الفلكية عبر البقاع الممتدة المفتوحة والمحميات الرسمية، إضافة إلى الإنجازات العُمانية الفلكية في التراث البحري.
في البداية يقول محمد بن نبهان البطاشي رئيس لجنة الدراسات والأبحاث بالجمعية الفلكية العُمانية حول إمكان الاشتغال على تاريخ عُمان العريق في مجال الفلك: “أردنا وصف سلطنة عُمان في الشأن الفلكي فهي بلد العشرة آلاف ساعة شمسية، لأنّ في كل قرية أفلاجًا، يحسب نظام توزيع مياهها بساعة شمسية تسمّى اللمد أو الخشبة أو الجامود، وإذا كان علم الفلك معرفة مشاعة عند كل الشعوب والحضارات -وإن كان طابعه الغالب نخبويًّا عند الفلاسفة والمنجّمين ومسامري الملوك- فإن عُمان تميّزت في أخذها بالفلك على نطاق شعبيٍّ واسع، فالمُزارع ومالك الأرض على دراية تامة بشروق النجوم وفارق الوقت بين كل نجم وآخر، وكذلك البحّارة على دراية دقيقة بمطالع الأفلاك ومنازل القمر”.
وأضاف: “إن الاحتفاء بهذه الحصيلة الفكرية لدى الشعب العُماني لا يكفي دون الاستثمار والتسويق بشكل يعود بالنفع المادي، بحيث يساهم في رفد الاقتصاد ويضخّ أيضًا بعائد معنوي يعزز من قيم المواطنة، خصوصًا أن الهيئات العالمية كمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة تُعنى بالتراث المادي وغير المادي، وسلطنة عُمان تملك رصيدًا فلكيًّا في كليهما؛ وهو ما يضعها في خارطة الاستثمار والسياحة”.
وأوضح البطاشي: يتمثّل ذلك في استثمار موقع ومناخ محمية النجوم الواقعة في جبل شمس لتأسيس مركز رصد سياحي وعلمي وبيئي على أرفع المستويات، وربطه بنقل جوي خاص، وتأهيل عدد من الساعات الشمسية في مختلف المحافظات بحيث تصبح مزارًا سياحيًّا، والاستفادة من عبور مدار السرطان لعدد كبير من الولايات وإبرازه سياحيًّا وتجاريًّا، و تخصيص أجزاء من المتاحف الموجودة لإبراز الحسبة العُمانية في مواقيت طلوع النجوم، ونشر مسميات النجوم العُمانية، وتخصيص تطبيق هاتفي لذلك التي من بينها (الكوي والمنصف والموفي والطير والغراب والأدم والصارة والراكضة والسعد والكبكبين والشابك والفتح وبو قابل والظلمي والشعرة البيضاء) وغيرها من النجوم، مع العمل على صناعة أدوات فلكية استخدمها البحّارة العُمانيون للوصول إلى أقاصي البحار وبيعها في المواقع الإلكترونية العالمية، وجمع القصص العُمانية التي تصف أشكال المجموعات النجمية وتخيّلات الناس حولها في قالب قصصي مطبوع وتترجم إلى اللغات الحية.
ويضيف: مع إبراز التقويم النجمي العُماني الذي يعتبر بداية السنة بطلوع نجم سهيل أو نجم كوي (حسبة الدرور)، والترويج للأمثال و القصص العُمانية التي تربط بين النجوم والمناشط الزراعية والرعوية وتغيّرات الطقس، ونشرها في لافتات عامة وكتيّبات وإضافتها في المناهج الدراسية، (من يبزغ غراب تشعشع البر وطاب)، وإقامة نصب تذكارية لأهم روّاد علم الفلك في عُمان، وعلى سبيل المثال لا الحصر: ناصر بن علي الخضوري، صاحب مخطوطة معدن الأسرار في علم البحار التي أدرجتها اليونسكو في سجل العالم. وتسمية الطرق العامة بأسمائهم، وتسمية الأعاصير والمنخفضات الجوية التي يكثر ذكرها في مختلف قنوات التواصل الاجتماعية بمسميات الضربات العامية: ضربة الشلي وضربة اللحيمر.
واختتم قوله بـ : إن تنفيذ جميع المقترحات أعلاه يبدو تحديًّا كبيرًا، لكن تذليل العقبات بالتعاون بين الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة والجمعيات التطوعية مع المكتبات الأهلية يسرع البناء وتحويل الأفكار إلى مقوّمات بمردود عالي الكفاءة والدخل، لاسيما إذا مازجه الإخلاص وحب الوطن والرغبة في تعميم النفع. ففي شأن قطاع البحوث والاكتشافات العلمية في مجال الفلك. يقول عيسى بن سالم آل الشيخ، عضو مجلس إدارة الجمعية الفلكية العُمانية: إن التقدم في العلوم والاكتشافات في الدول التي تنهض بالعلم دائمًا لا يخلو م…
التعليقات