محمد زكى
** شعار المؤمنين الواحد للجميع والمجموع لواحد :
* إن جاء لأخيك خير وفرحتَ له، وكأن هذا الخير جاء إليك, فأنت مؤمن وربِّ الكعبة، أمّا إذا حسدته وتمنيت زوالَ النعمة عنه, فاعلمْ أنك منافق قطعاً ويقيناً، لقول الله عز وجل:
﴿إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ﴾ ..
* كلما فرحت لأخيك إذا ناله الخير ،، فهذا من الإيمان ،، وشعار المؤمنين, الواحد للجميع، والمجموع للواحد، كلنا لواحد منكم، وأنت أيها الأخ لنا جميعاً، أنت وإمكانياتك وقدرتك وعضلاتك ومالك للجماعة كلها ..
* ما عرف الصديق أنه أساء إلى النبي ولو بكلمة :
* على مدى سنوات هذه الصحبة ما وردت منه كلمة تسيء للنبي عليه الصلاة والسلام، وما زال أهل مكة يكذبون النبيَّ، ويبخسون دعوته، ويتهمونه بالكذب تارة، وبالجنون تارة أخرى ويتهمونه بأنه كاهن وأنه شاعر، وفي زحمة هذه الاتهامات, وفي زحمة هذه المعارضات أسرى الله عز وجل به إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماء ، أظن أن النبي عليه الصلاة والسلام لو كان الأمر باختياره لتمنى ألف مرة أن يسكت عن إسرائه ومعراجه ، لأنه من دون أن يسري به إلى بيت المقدس, ومن دون أن يعرج به إلى السماء الناس يكذبونه, فكيف إذا حدثهم بالإسراء والمعراج؟ ..
* دليل ذلك يوم حادثة الإسراء والمعراج :
* كان أبو جهل ذاهباً لبعض شأنه حين مر بالكعبة, فأبصر النبي صلى الله عليه وسلم جالساً وحده في المسجد الحرام، صامتاً مفكراً، وأراد أبو جهل أن يؤذي النبي عليه الصلاة والسلام ببعض سخرياته, فاقترب منه وسأله, أولم يأتك الليلة شيء جديد؟ فرفع النبي عليه الصلاة والسلام رأسه, وأجاب في جد: نَعَم، أُسرِي بي الليلة إلى بيت المقدس في الشام، فقال أبو جهل مستنكراً: وأصبحتَ بين أظهرنا ؟؟!!
طبعاً كل عصر له معطياته، الآن مثلاً سهل جداً أن تركب الطائرة من جدة الساعة التاسعة، وتكون الساعة العاشرة في الشام، لكن تصوروا العصر الذي عاش فيه النبي صلى الله عليه وسلم ،، بين مكة وبيت المقدس أعتقد أنّ المسافة كانت شهرًا أو شهرين مِن ركوب الناقة ،، وهنا صاح أبو جهل في جنون: يا بني كعب هلموا، وأقبلت قريش ينادي بعضها بعضاً، فماذا حل بالنبي؟ وهو مأمور أن يبلغ الناس أنه أسري به، من دون إسراء لم ينته منهم، وهو مكذَّب، فكيف بالإسراء والمعراج؟ ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أحداً من أصحابه بنبأ الإسراء بعدُ، فتجمع الناس عند الكعبة، ومضى أبو جهل يحدثهم في حبور بما سمع، وقد ظنها الفرصة المواتية التي عندها سينفض الناس عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأنّ أمْر النبي انتهى إلى الأبد، لكن الذي انتهى وصار في مزبلة التاريخ أبو جهل وأبو لهبٍ وأمثالهما، قال تعالى:
﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾..
* هؤلاء الذين عارضوا النبي أين هم الآن؟ ..
* وتقدم واحد من المسلمين وسأل النبي:
يا رسول الله أحقاً أسري بك الليلة؟ فقال النبي: نعم, وصليت بأخواني الأنبياء هناك، وهذه أفظع أيضاً، وسرى في الجمع المحتشد خليط متنافر من المشاعر المهتاجة، ورحب المشركون بما سمعوا أشد الترحيب، ثم وصل هذا الجمع الغفير إلى دار أبي بكر, وقالوا له: هذا صاحبك، وهذا الذي تقول عنه: الصادق الأمين، والذي تظن به خيراً، تعال واسمع هذا الخبر يا عتيق، وخرج أبو بكر دهشاً تجمله السكينة والوقار, وسألهم: ماذا وراءكم؟ قالوا: صاحبك، قال: ويحكم هل أصابه سوء؟ مِن شدَّة حبه له،، وتراجع القوم، وقالوا: لا، إنه هناك عند الكعبة يحدث الناس أن ربه أسرى به الليلة إلى بيت المقدس، وتقدّم آخر يكمل الحديث ساخراً، ذهب ليلاً وعاد ليلاً وأصبح بين أظهرنا، فأجابهم أبو بكر, وقد تهلل وجهه: أي بأس في هذا؟ إني لأصدقه فيما أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء يأتيه في غدوة أو روحة، إن كان قال هذا: فقد صدق ..
* هو الصديق أدرك إدراكًا عظيمًا، هذا الذي خلق السموات والأرض، وأنزل عليه جبريل من فوق سبع سموات، الذي فعل هذا بإمكانه أن يأخذه إلى بيت المقدس، وأن يعيده في ليلة واحدة, ما هذا اليقين؟ هذا يقين الصدِّيقية ،، سيدنا علي يقول: والله لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً ،، المؤمن كلما ارتقى إيمانه يصبح هو والحقائق وجهاً لوجه، يعني يقينه بالحق الذي يؤمن به أقوى من وجوده ..
* سيدنا الصديق ليس عنده مشكلة, كيف ذهب؟ وكيف عاد؟ عقله الراجح، وخبرته بالنبي عليه الصلاة والسلام يقينية، ويبدو أن نظره في هذا الكون العظيم، والذي خلق هذا الكون قادر على أن يأخذه، ويعيده في ليلة واحدة, وهر…
التعليقات