تغير المناخ والتنقل هما وجهان لعملة واحدة”، وهو الوصف الذي استخدمته دراسة أجراها المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة، وبرنامج “يوروميد للهجرة” بتمويل من الاتحاد الأوروبي في عام 2023، بعنوان “هل تغير المناخ دافعٌ للتنقل؟”. تشهد مصر والمغرب وتونس درجات عالية من الهجرة الداخلية، خاصةً أن ندرة المياه تسهم في تسريع عمليات التوسع الحضري، كما من المتوقع أن يؤثر فقدان الأراضي في مصر بسبب ارتفاع منسوب المياه في دلتا النيل المشهورة بالزراعة على 50% من المناطق الساحلية بحلول عام 2100
مع تزايد تعداد السكان في مصر تزداد حدة مشكلة الغذاء عاما بعد عام وخاصة مع التغيرات المناخية المصاحبة لهذه الزيادة حيث تؤثر التغيرات المناخية على قطاع الزراعة بشكل كبير سواء النباتي او الحيواني منها وذلك لتأثيرها على إنتاجية المحاصيل وعلى إحتياج النبات والحيوان لكميات مياه أكبر، وكذلك على التراكيب المحصولية مما يؤدي الى زيادة الفجوة الغذائية بين الكميات المنتجة والمستهلكة, مما يستلزم محاولة التوسع الرأسي للانتاج الزراعي من ناحية ومحاولة معرفة اثر التغيرات المناخية على انتاج المحاصيل الزراعية من ناحية اخرى لمحاولة تقليل اثر هذه التغيرات قدر المستطاع, كما يجب ان يستمر الباحثون فى كافة التخصصات فى إجراء بحوثهم ودراساتهم عن تآثير ظاهرة التغير المناخى على المجالات المختلفة
وذلك لاستنتاج التوقعات والتنبؤات والسيناريوهات الكثيرة وذلك لمحاولة وضع التوصيات المناسبة لمواجهة الآثار المترتبة على إستمرار تلك التغيرات المناخية والحد من سلبياتها, والمقصود بالتغيرات المناخية هي التغيرات الحادثة فى عناصر المناخ لمدة حوالي عقدين من الزمن، حيث انها تؤدي الى إختلاف إنتاجية المحصول الواحد داخل الدولة الواحدة , وكذلك زيادة كميات المياه المخصصة لري المحاصيل الزراعية عن المعتاد وزيادة نسبة البخر بصفة عامة مما يقلل من الموارد المائية المخصصة للزراعة, بالاضافة الى تعرض مساحة كبيرة من الدلتا للتأكل وهي من اهم الاراضي التي تعتمد عليها الدولة في الانتاج الزراعي كما تؤدي التغيرات المناخية الى تعرض الامن الغذائي للخطر بمعنى انخفاض قدرة الدورة على توفير الغذاء للمواطنين سواء من مصادر خارجية او داخلية بالاضافة الى انخفاض نسبة الاكتفاء لذاتي من المحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة وكذلك محاصيل الخضر والالبان واللحوم بانواعها.
، وعلى الرغم من أن هذه الخسارة تحدث تدريجيًّا، إلا أنها ستؤدي إلى تنقلات كبيرة للسكان. في مصر لا توجد دراسات أو مشروعات إحصائية تقيس بشكل دقيق الروابط بين تغير المناخ والتنقل، لكن تغيُّر المناخ يضر بالزراعة من خلال عدة تأثيرات مباشرة من خلال الحرارة المرتفعة، وارتفاع مستوى سطح البحر، والظواهر المناخية المتطرفة، ونقص المياه، وكل هذه الظواهر تؤثر على إنتاج الغذاء، مما يؤثر بدوره على الدخل المادي وعلى سوق العمل، ويخلق في النهاية أشكالًا من التنقل والهجرة. تُعد التغيرات المناخية واحدة من أهم القضايا العالمية المُلحة في وقتنا الحالي، مما وضعها في مكان الصدارة على أجندة كافة الاجتماعات الدولية والإقليمية، وصار العمل المناخي واحداً من أهداف التنمية المستدامة بشكل مباشر متمثلاً في الهدف الثالث عشر، ومؤثرًا بشكل غير مباشر في باقي أهداف التنمية المستدامة. على سبيل المثال لا الحصر، وطبقاً للتقارير العلمية المنشورة، فإن التغيرات المناخية تهدد إنتاج المحاصيل الزراعية، وبالتالي تهدد الأمن الغذائي العالمي، مما قد يعيق تحقيق الهدف الثاني من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المعني بالقضاء على الجوع. كما وضعت أجندة أفريقيا 2063 قضية التغيرات المناخية والنواحي البيئية ضمن أهدافها التي تسعى لتحقيقها، والتي تتضمن تحديد خمسة مراكز تكنولوجية إقليمية، ترتبط بهيئات وطنية مخصصة لتكنولوجيا المناخ، وبرامج حول تغير المناخ تستهدف النساء والشباب.
وتُرجح التقارير العلمية الصادرة عن “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” أن ما يحدث الآن من احترار عالمي هو نتيجة لأنشطة التنمية البشرية؛ وذلك لعدة أسباب: أولها، حرق الوقود الأحفوري من فحم وبنزين ومازوت وغاز وغيرها لإنتاج الطاقة، حيث يُعد حرق الوقود المتسبب الرئيسي حالياً لإصدار الانبعاثات سواء كان استخدم هذا الوقود لإنتاج الكهرباء أو تدوير المحركات الخاصة بالمصانع أو وسائل النقل المختلفة، بالإضافة إلى العمليات الصناعية ودفن المخلفات والتكثيف الزراعي. ثانيها، قطع الغابات التي تخزن الكربون أو ممصات الكربون لإنتاج الأخشاب أو استخدام الأراضي في أنشطة زراعية أو صناعية أو للبناء والتوسع في المدن والطرق.
حيث تسببت هذه الأنشطة البشرية في تراكم الانبعاثات الكربونية بكميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري (يطلق عليها بشرية المنشأ)، فتراكمت بالغلاف الجوي؛ نظراً لعدم تمكن الأنظمة الطبيعية (الأراضي والأشجار والمحيطات) من امتصاصها وتخزينها لزيادتها عن المعدلات الطبيعية، بالإضافة إلى قطع مساحات شاسعة من الغابات كانت تمثل ممصات للكربون. ثالثها، فضلًا عن زيادة انبعاثات الغازات الطبيعية مثل: ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز عن معدلاتها بالغلاف الجوي، فقد قام البشر أيضاً بتخليق مجموعة من الغازات الصناعية، مثل سادس فلوريد الكبريت، والذي يستخدم كمادة عازلة، ومجموعة غازات الهيدروفلوركاربونات، ومجموعة غازات البيروفلوركاربونات، والتي تستخدم في العديد من العمليات الصناعية التي تحتاج للتبريد مثل التكييفات. وتقوم تلك الغازات المُخلقة بفعل مشابه للغازات الكربونية الطبيعية وتحبس الحرارة المتصاعدة من سطح الكرة الأرضية، وبالتالي يؤدي حبس الحرارة/الطاقة داخل الغلاف الجوي بنسب أكبر من المعدلات الطبيعية إلى حدوث خلل في مناخ الكرة الأرضية.
يجب أن تكون الزراعة جزءا من الحل لتطوير اقتصاد منخفض الكربون: تتسبب الزراعة وفقدان الغابات وتغييرات استخدام الأراضي حاليا في إنتاج ربع غازات الدفيئة في العالم، كما يتسبب التوسع في الزراعة في حوالي 80% من عمليات إزالة الغابات في جميع أنحاء العالم. وبدون اتخاذ الإجراءات اللازمة، فإن إزالة الغابات وتدهورها يمكن أن يتزايد بشكل كبير في ظل تعدي المزارعين على أراضي الغابات للتعويض عن انخفاض غلة المحاصيل.
لقد أثبتت التجارب الأخيرة أنه من الممكن تعزيز الإنتاجية الزراعية وزيادة القدرة على التكيف مع تغير المناخ وخفض انبعاثات غازات الدفيئة من خلال الزراعة المراعية للمناخ.
ترتبط التغيرات المناخية ارتباطا وثيقا بقضية الأمن الغذائى بمحاوره المختلفة، حيث يتبين من الشكل (1) أن التغيرات المناخية تتأثر نتيجة لمشتقات الاحتباس الحرارى، سواء كانت تلك المشتقات سكانية، أو اقتصادية، وسياسية، وتكنولوجية، أو ثقافية. وتؤدى مشتقات الاحتباس الحرارى تلك إلى تغيرات مناخية تتمثل أهم سماتها فى زيادة انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون CO2 وزيادة درجات الحرارة سواء العظمى أو الصغرى، وزيادة حدة التغيرات المناخية والأحداث الجوية. ومن ناحية أخرى تؤدى تغيرات المناخ إلى إحداث تغير فى أصول النظام الغذائى، سواء أصول إنتاج الغذاء أو التغير فى التخزين والنقل والتسويق وأصول الحيوانات المزرعية، هذا بالإضافة إلى أن الهجرة تزداد من الأماكن المتأثرة بالتغيرات المناخية إلى الأماكن التى لم تتأثر بتلك التغيرات بشكل كبير. هذا التغير فى أصول النظام الغذائى يؤدى إلى تغير فى أنشطة النظام الغذائى، مثل التغير فى إنتاج الغذاء وتخزين وتغيير الغذاء وتوزيعه واستهلاكه، هذه المكونات تؤثر وتحدث تغييرا فى محاور الأمن الغذائى، وهى إتاحة الغذاء ووصول الغذاء إلى كافة فئات المجتمع وفى كافة الأماكن فى داخل الإقليم، وكذلك فى الاستمرارية فى النفاذ إلى الغذاء
، وأخيرا استهلاك الغذاء. ونتيجة للتغير فى محاور الأمن الغذائى يتغير نظام استهلاك الغذاء من خلال خفض إنتاج الحبوب المستخدمة كعلف حيوانى، وتتغير نسب الإنتاج المحلى للغذاء مما يحدث تغييرا فى أنماط استهلاك الغذاء و تغييرا فى نوعية الغذاء المستهلك، وهذه التغييرات بدورها تؤدى إلى التأثير على الصحة البشرية من خلال التأثير على نسب الاكتفاء الكلورى وتغير فى القيم التغذوية، الأمر الذى يؤدى إلى تغير فى أنواع الأمراض وشدتها الموجودة وخطورة ظهور أمراض جديدة (FAO 2000).
التعليقات