كتب :- محمد زكي
أكد الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عُمان أن التكاليف والعبادات التي أمر الله بها عباده المؤمنين إنما تهدف إلى إصلاح المجتمع بأسره، والمؤمنون والمؤمنات مطالبون بالقيام بواجب هذه الأمانة، لإصلاح المجتمع وإخراجه من الظلمات إلى النور، ومن الضيق إلى السعة، ومن الفجور إلى البر، ومن الشرك إلى الإيمان.
كما أوضح أن القيم في الإسلام تُستقى من أمور عديدة، إلا أنها ترجع بشكل أساسي إلى: الإيمان والأخلاق.
وقال: لا ريب أن الإسلام وضع المرأة في مصاف الرجال من حيث التكاليف ومن حيث الجزاء، فلم يجعلها من حيث التكاليف مهملة، وكذلك أيضًا من حيث الجزاء؛ فالمرأة مطالبة بالإيمان، ومطالبة بالعمل الصالح، ومطالبة بالأخلاق الفاضلة، ومطالبة بالدعوة إلى كل ذلك، فالله سبحانه وتعالى يبين وظيفة المؤمنين والمؤمنات في هذه الحياة، عندما يقول: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فالمؤمنون والمؤمنات جميعًا يضطلعون بهذه الأمانة، وينأون بهذا الواجب المقدس وبتكاليف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله. وحسبكم طاعة الله ورسوله، فإن كل الخير في طاعة الله ورسوله، وكل الشر في الابتعاد عن طاعة الله ورسوله، ومعنى ذلك أن الدين كله، بكل قيمه وعباداته ومعاملاته وأخلاقياته يندرج في طاعة الله ورسوله. فالمؤمنون والمؤمنات يشد بعضهم إلى بعض صفة الولاية، هذه الولاية فرضها الله سبحانه وتعالى لمن تجمعهم هذه الخصال المذكورة في الآية الكريمة، الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله، بحيث أن الله تعالى في هذه الآية بدأ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قبل أن يذكر إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، مع ما في إقام الصلاة من أهمية؛ لأن الصلاة هي الركن الأول من الأركان العملية في الإسلام، وهي مع ذلك لها أثر كبير نفسي واجتماعي، كما لها أيضًا أثر كبير في الأخلاق، ولها أثر في ترديد القيم، ولها أثر في الحث بيد الفرد إلى المجتمع حتى يسيروا جميعًا في درب الخير، بالتعاون على الحق، ولكن قدم الله سبحانه وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كذلك بالنسبة للزكاة، فإن الزكاة عقد مالي اجتماعي، وهو من أركان الإسلام، ولكن قدم عليها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما ذلك إلا لإشعار الناس، بأن التكاليف التي ينؤون بها إنما هي لإصلاح المجتمع بأسره، فالمؤمنون والمؤمنات مطالبون بهذه الأمانة، لإصلاح المجتمع وإخراجه من الظلمات إلى النور، ومن الضيق إلى السعة، ومن الفجور إلى البر، ومن الشرك إلى الإيمان».
التساوي في الجزاء
وأضاف الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عُمان في محاضرة بعنوان «المرأة ودورها في ترسيخ القيم»:«إن الله سبحانه وتعالى أمر بالتكاليف المختلفة، التكاليف العامة المشتركة، والعبادات على اختلافها ويشترك في ذلك الذكور والإناث؛ فإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام؛ كل من ذلك يكلف به كل من الذكر والأنثى، كذلك المعاملات والأخلاق وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن العشرة مع الأزواج، والعلاقة الحسنة مع الناس، والكلم الطيب والعمل الصالح، كل من ذلك يندرج فيه الذكور والإناث، وقد وعد الله سبحانه وتعالى الصنفين، فجعلهم في الجزاء سواء، «إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا»، ويقول الله سبحانه وتعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» الكل إنما هم موعودون بهذا الجزاء العظيم، الجزاء الوافر، جزاء لا يتصور، جنة عرضها السموات والأرض، الكل يشترك في ذلك، المؤمنون والمؤمنات جميعًا، إن وفوا بما عليهم من الحقوق، وقاموا بالتكاليف الواجبة، التي نيطت بهم، وتابوا إلى الله سبحانه وتعالى التوبة النصوح، فإنهم جميعا يؤوبون جميعا إلى هذا الخير. وهذا بطبيعة الحال يحفز الهمم، لأنه متعلق بوعد عظيم، وعد الله سبحانه وتعالى، الذي لا يخلف الميعاد. هذا التعلق هو الذي يحفز الهمم إلى الخير».
التعليقات