يمثل نظام التأمين الاجتماعى دور كبير وهام فى حياة كل افراد المجتمع، وتكمن اهميته فى دوره تجاه الافراد المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات وذويهم حال تقاعدهم ، باعتبار المعاش بديل الدخل الذى ينقطع فى حالة تحقق أحدى المخاطر المؤمن ضدها مثل: الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابة العمال والمرض ،ويعتبر بمثابة بوليصة تستخدم لتعويض الأفراد والمؤسسات عن الخسائر المغطاه و توفير الامان و الاستقرار ضد المخاطر طويلة الأجل.
وحيث يعتبر التأمين الاجتماعي أحد الوسائل الاساسية في مجال تحقيق الحماية والأمن الاجتماعى ، لما يشمله من أبعاد إقتصادية تمتد الى كل مواطن مصري سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ليضم أفراد الأسرة ،سعت المؤسسات التأمينية فى توسيع انشطتها والعمل على تطويرها لتشمل كافة المواطنين من مختلف المهن للفئة العمالية المنتظمة و الغير منتظمة.
تعتبر العمالة غير المنتظمة لها دور كبير وهام فى المجتمع فضلا عن ما تضمه من شريحة كبيرة من القوى العاملة، ويتمثل العمل غير المنتظم فى العمل الجزئي ، والعمل الموسمي والعرضي ،والعمل الحر، والعمل المؤقت ، والعمل تحت الطلب.
وقد حرص قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019، على ضم القوى العاملة من العمالة غير المنتظمة الى مظلة التأمين الاجتماعى ، وحدد القانون تلك الفئات وهى:محفظو القران و المقرئين ، وخدام المنازل ومن فى حكمهم ،وعمال التراحيل ، والعمال المؤقتين فى الزراعة ، والعاملون فى مشروعات تربية الماشية والحيوانات ،وملاك الاراضى الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان، والمرتلين وغيرهم من خدام الكنيسة.
وقد حرصت وزارة القوى العاملة على بناء منظومة متكاملة لرعاية هؤلاء العمال وتسجيلهم وحصرهم لتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية والاجتماعية، وباشرت اجراءات التأمين الاجتماعى وقامت بمنحهم شهادات قياس مستوى المهارة وترخيص مزاولة الحرفة وإثباتها في بطاقات الرقم القومي.
ومؤخرا تم التصديق على بروتوكول بين وزارة القوي العاملة والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي والذى يحقق طفرة للعمالة غير المنتظمة ،حيث رأت الدولة ان فئة العمالة غير المنتظمة تفتقر الى صاحب عمل ،فقامت الدولة بتحمل حصة صاحب العمل و التى تشكل 12% من التأمين، على ان يتحمل العامل غير المنتظم 9%
تُعد العمالة غير المنتظمة من أكثر الفئات التى كثيرا ما عانت من التهميش لعقود طويلة، فهم أصحاب الأيدي التى تشقى فى عملها من أجل راحة الآخرين، لا يدخرون جهدا فى تأدية مهامهم تحت وطأة أى ظرف، ولأنهم قوة لا يستهان بها فى المجتمع، فقد وضعت الدولة المصرية هذه الفئة وتحسين أوضاعهم فى قائمة أولوياتها، باعتباره هدفا قوميا وجزءا لا يتجزأ من خطط التطور الاقتصادي؛ وتنفيذا لهذا التوجه، فقد سعت وزارة القوى العاملة خلال الفترة الماضية
لاتخاذ حزمة من الإجراءات التى تكفل لهم المزيد من الحقوق لتحسين مستوى معيشتهم، منها إدخالهم في منظومة التأمين الاجتماعي، بالإضافة إلى تشكيل النقابات العمالية والمهنية لضمان منحهم العديد من المزايا والخدمات العامة، ما تم إنجازه من أهداف خطط الدولة، وما جنته تلك الفئة من ثمار إجراءات وضعهم تحت مظلة اجتماعية آمنة فى ظل التحديات التى تحيط بسوق العمل جراء الأزمات العالمية.
وبشكل عام تقدر نسبة العمالة غير المهيكلة في الأقطار العربية غير الخليجية بنحو 2.67%من قوة العمل، ولكنها لا تنتج إلا 35 %من الناتج القومي الإجمالي بسبب حرمانهم من القروض والائتمان والخدمات والمرافق والتكنولوجيا، فالإنتاجية منخفضة، وكذلك الأجور متدنية وأقل من نظرائهم في القطاع الرسمي.
وتتوزع العمالة غير المنتظمة على عدة قطاعات رئيسية أبرزها ما يعرف بقطاع المقاولات- الذى يضم أعمال البناء والتشييد والحرف المتكاملة معها- ، والباعة الجائلين، والعمالة الزراعية الموسمية.. فضلاً عن قطاعات العمالة غير المنظمة فى الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وما يعرف بصناعات “بير السلم”.. حيث تمثل هذه القطاعات حوالى 40% من الاقتصاد القومى
ويبلغ عدد هؤلاء العاملين- وفقاً لأكثر التقديرات تواضعاً ثمانية مليون عامل..غير أن الإحصاء الرسمى ما زال يسقط قطاعت أخرى لا يمكن إغفالها وعلى الأخص منها النقل البرى الذى بات جانباً كبيراً منه غير رسمى، والمناجم والمحاجر (شق التعبان/ المنيا).. فضلاً عن أن نسبة من عمالة القطاع الاقتصادى الرسمى (الخاص)- على الأخص فى صناعات السياحة والبترول والخدمات- هى عمالة غير منتظمة (موسمية، غير مسجلة.. ) بكل ما للمصطلح من معنى.
ضرورة مواجهة تلك الحملة الاعلامية التى تشنها اجهزة السلطة التنفيذية لاظهار الباعة الجائلين وكانهم مجموعات من البلطجية والخارجين على القانون لمجرد انهم يطالبون بتوفير اماكن ثابتة لهم ، ويدافعون عن لقمة عيشهم ..
ضرورة الاسراع فى تنظيم الباعة الجائلين والذين يصل عددهم الى ما يقرب الثلاثة ملايين عامل على مستوى الجمهورية فى نقابات تمثلهم وتدافع عنهم ، تمهيدا لانشاء اتحاد نوعى للباعة الجائلين على مستوى الجمهورية يستطيع الجلوس الى الجهات المعنية للنفاوض حول مشاكلهم ..
ضرورة اعداد مقترحات حلول لمشكلة توفير اماكن للباعة الجائلين تشمل كافة تجمعاتهم والجلوس الى المسئولين لمناقشتها والتوصل الى حلول جذرية ، حيث اكد الحاضرون والذين كانوا يمثلون نقابات الباعة الجائلين بالقاهرة الكبرى ان هناك العديد من الساحات والامكان العامة من الممكن التفاوض مع المسئولين حولها ، بديلا عن مقترحات المسئولين باقتراح اماكن بعيدة عن اى عمران سكنى وهو ما يرفضه الباعة الجائلون .. ضرورة اعداد شكل قانونى لحل مشكلة توفير الغطاء التامينى للباعة الجائلين اما عن العاملين فى قطاع المقاولات والبناء والتشييد والصيد والسائقين فقد تحدث ممثلوهم من العديد من النقابات المستقلة مشيرين الى ان العاملين فى أعمال البناء والتشييد والصناعات المتكاملة يشكلون النسبة الأكبر من العمالة غير المنتظمة فى مصر.. وان الازمة التى يعانون منها هى عمل نظام تأمينى يتلافى عيوب النظام القائم .. حيث انه تم تطوير نظام تأمينى خاص لبعض فئات العمالة غير المنتظمة .. بناءً على اقتراح الهيئة العامة للتامينات الاجتماعية بجلسته المنعقدة يوم 9/10/1988 صدر قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 74 لسنة 1988 بشأن التأمين على عمال المقاولات والمحاجر والملاحات.
ثم صدر قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 الذى خصص الباب السابع منه للتأمين على العمال أصحاب الأجور الحكمية ليشمل العاملين فى القطاعات الثلاثة السابقة مضافاً إليهم العاملين فى البناء والتشييد.
وأخيراً صدر قرار وزير المالية رقم 517 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام القرار السابق ليشمل عدداً واسعاً من المهن كما يضيف إلى قائمة المشمولين بهذا النظام أيضاً العاملين فى البترول، والنقل البرى.
ويمكن القول أن هذا النظام يتجاوز عن علاقة العمل المباشرة التى تربط المؤمن عليه (شخصياً) بصاحب العمل، ويقوم بدلاً من ذلك على علاقة عمل جماعية افتراضية بين أصحاب العمل من المقاولين أو أصحاب المحاجروالملاحات وبين العاملين فى هذه القطاعات (من العمالة غير المنتظمة).. وتتحدد قيمة الاشتراك التأمينى بناء على أجر افتراضى ، ثم يتم اقتضاء الاشتراك من الجانبين بصورة منفصلة تماماً ووفقاً لآليات مختلفة.
غير أن هذا النظام لم يؤدِ فى واقع الحال سوى إلى زيادة موارد الصناديق بما يعادل أربعة وسبعين مليار من الجنيهات (74 مليار جنيه).. بينما ظل العمال بغير حماية تأمينية.. للأسباب الآتية:
تم تطبيق هذا النظام كما لو أن الهدف الرئيسى منه هو جباية الأموال وليس توفير غطاء تأمينى للعمالة غير المنتظمة- على الأخص- وأن تحصيل حصة أصحاب الأعمال من المقاولين وغيرهم من مؤجرى المحاجر والملاحات ..الخ، يتم على طريقة جباية الضرائب باقتطاعها من المنبع (على المستخلصات) ووقف المستخلصات النهائية حال الامتناع عن السداد.. الخ.. فضلاً عن أن احتساب قيمة الأجور على حجم المقاولة أو القيمة الإيجارية للمحجر أو الملاحة يجعلها تشابه الضرائب إلى حد كبير.
أولت الحكومة جل اهتمامها لتحصيل حصة أصحاب الأعمال التى تجرى جبايتها بصورة منفصلة عن العمال أنفسهم، فيما لم يتم تفعيل الآليات المفترضة لاستكمال الجانب الآخر من النظام (المؤمن عليهم).. حيث يفترض أن يتقدم العامل إلى مكتب الصندوق المختص بطلب الاشتراك الذى يحصل بموجبه على بيان حالة لقيده فى سجلات وزارة القوى العاملة والحصول على شهادة بدرجة مهارته التى يتحدد الأجر التأمينى وفقاً لها، ثم يقوم مكتب التأمينات بتوقيع الكشف الطبى عليه لتحديد مدى صلاحيته لمزاولة المهنة.
عند التأمين على العامل يفترض أن يقوم بسداد حصته فى الاشتراك شهرياً فإذا تخلف فى أحد الشهور عد غير عامل خلال هذا الشهر وتم اسقاطه من المدة التأمينية. غير أن ما يحدث فعلياً هو أن مكاتب الهيئة (الصندوق) ليست لديها آية آليات تتعلق باتمام عمليات التأمين على العمال.. بل أن الكثيرون من موظفيها يجهلون الأمر حتى أنهم حال تقدم أحد العمال إليهم بطلب الاشتراك يطلبون إليه أن يسدد كلا الحصتين (حصة العامل وصاحب العمل).. هكذا..!! وفضلاً عن ذلك.. يصعب على العمال أنفسهم بصورة فردية ومنفردة أن يتعرفوا على النظام الذى يتم اشتراكهم وفقاً له.. ويجهل معظمهم حقوقه إزائه، وبسبب من الثقة الغائبة فى الحكومة وأجهزتها التى تجعلهم هم أيضاً يعتبرون كل ما تقتضيه منهم مال ضائع.. فإنهم لا يقدمون على طلب الاشتراك
هذا وقد توافق المشاركين على ان هناك اشكاليات عامة تخص قطاع العمالة غير المنتظمة ياتى على راسها التامين الاجتماعى والتامين الصحى للملايين الذين يعملون فى ذلك القطاع ، اضافة الى مشاكل خاصة تخص كل فئة من تلك الفئات يجب دراستها ومناقشنها كل على حدة فى ورش عمل منفصلة للوصول الى حلول جذرية لتلك الاشكاليات نابعة من ممثلى عمال تلك الفئات العمالية ..
كما طالب الحضور بضرورة ادارة حوار مجتمعى شامل بشأن تطوير الحماية الاجتماعية والغطاء التأمينى للعمالة غير المنتظمة من خلال بناء قانونى متكامل.. موصين بتشكيل لجنة مركزية عامة تشارك فيها الأطراف الاجتماعية المختلفة من الحكومة (وزارة القوى العاملة والتأمينات) وممثلى أصحاب العمل والنقابات العمالية والمنظمات الممثلة للعمالة غير المنتظمة توكل إليها المهام الآتية على الأخص:
– إجراء حصر للعمال الذين باتوا غير قادرين على العمل، وتطوير نظام لاقتضائهم معاشات شهرية من حصيلة الموارد المتراكمة فى الصندوق بغض النظر عن عدم اشتراكهم مسبقاً فيه (اعتبار اشتراكهم افتراضى أيضاً).
– تطوير آليات مشتركة مع النقابات والمنظمات العمالية لقيد العمالة غير المنتظمة فى مكاتب العمل والتأمينات وتنظيم عملية اشتراكهم فى الصندوق.
– إعادة تقدير قيمة الأجور، ونسبة الاشتراكات الشهرية المدفوعة عنها وفقاً لحساب اكتوارى جديد يأخذ فى اعتباره مصلحة المؤمن عليه أولاً وحقه فى الحماية الاجتماعية بدلاً من مراكمة الأموال فى صناديق التامين دون اى فائدة .. كما توافق الحضور على تكوين هيئة دائمة ممثل بها كافة القطاعات تكون لها قدرة التفاوض حول كافة مشاكل قطاعات العمالة غير المنتظمة ..
وفى النهاية فأن الهدف من هذا المقال، هو حرص الدولة المصرية على دمج العاملين بالاقتصاد غير الرسمى الى الاقتصاد الرسمى ومد الحماية الاجتماعية لتشمل كافة فئات القوى العاملة و خاصة الغير منتظمة التى تحتاج دعم خاص وذلك حتى يتسنى لهم التمتع بمزايا التأمين الاجتماعى و بذل كافة جهودها لتوفير الرعاية الصحية و الاجتماعية لكافة فئات القوى العاملة و خاصة القوى العاملة غير المنتظمة.
التعليقات