بينما أعطت هذه السورة في جملة آياتها الستة والسبعون بعد المائة، مواثيق ناصعة ساطعة للعدل المطلق ، فوهبت مواثيق العدالة حقوق البراءة لبعض أهل الكتاب يهود ونصارى، في مواطن اتهامية بشرية لم تثبت، ومنحت مواثيق الأمانة حق التملك لمشرك بين ظهراني رسول الله ، وأدانت مسلماً قتل مشركاً بعد ما نطق بالشهادة في ساحة القتال، ظناً منه أنه قالها جذعاً من السيف، فإذا بمواثيق أخرى في ذات السورة تتبرأ من هؤلاء الثلاثة في موطن واحد، وحسبك والعقيدة ، وحسبك من الكفر والشرك بالله العزيز الحكيم ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) 51
ثم جاء ميثاق البراءة من اليهود والنصارى في موطن آخر بازغ الوضوح والبروز، فاستهل ميثاق البراءة من اليهود ( وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً) ثم براءة ثانية منهما سواء ( وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً ) 156و157
وميثاق آخر في نهاية السورة ، بالبراءة من النصارى الذين ألهوا المسيح عيسى بن مريم ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا) 171
ثم ميثاق آخر بالبراءة من طائفة رابعة وهم المنافقون ، فقال عز وجل ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً) 145
وعلى كل الذين سبقوا أعلاه، أُخذ عليهم ميثاق الإيمان بالرسل جميعاً ، في نفس سورة النساء ( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً) 165
بقية المواثيق السامية من سورة النساء اليافعة في المقالات القادمة
التعليقات