السبت - الموافق 15 مارس 2025م

دنيا ودين ومع عبد الله بن عمر بن الخطاب ( الجزء الثانى ) إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، وقد كان عبدالله بن عمر يدعو على الصفا ” اللهم اعصمني بدينك وطاعتك وطاعة رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك، ويحب رسلك، ويحب عبادك الصالحين، اللهم حببني إليك، وإلى ملائكتك، وإلى رسلك، وإلى عبادك الصالحين، اللهم يسرني لليسرى، وجنبني العُسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من أئمة المتقين، اللهم إنك قلت فى سورة غافر ( ربكم ادعونى أستجب لكم ) وإنك لا تخلف الميعاد، اللهم إذ هديتني للإسلام، فلا تنزعني منه، ولا تنزعه مني حتى تقبضني وأنا عليه، وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب، من أكثر الصحابة رواية للحديث، فروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد روى عن أبيه وأبي بكر وعثمان، كان من المتقين الزاهدين، فزهد في الخلافة واعتزل الفتنة، وقد مدحه كثير من الصحابة وأثنوا عليه، وهو عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو المولود في مكة المكرمة عام عشره قبل الهجرة، وهو صحابي من صحابة رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الكرام، وعالم من علماء الفقه وراوى من رواة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، المشهورين، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه، هو أحد أشهر المفتين بين المسلمين، وقد كان عالما جليلا يقصده طلاب العلم من كلِ حدب وصوب، فكان قبلة طلاب العلم في المدينة المنورة، وقد عُرف عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، بأنه أكثر الناس اقتداء برسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
فقد صاحبه فترة من الزمن وشارك معه في عدد من المشاهد على صغر سنِه، فقد توفِي رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن عمر، في الواحد والعشرين من عمره، وقد قال محمد بن زيد: كان لعبدالله بن عمر مهراس فيه ماء وهى صخرة منقورة تسع كثيرا من الماء، فيُصلى ما قـدر له، ثم يصير إلى الفراش فيغفى إغفاء الطائر، ثم يقوم فيتوضأ، ثم يُصلى فيرجع إلى فراشه، فيغفى إغفاء الطائر، ثم يثب فيتوضأ، ثم يُصلى، وكان يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمسا، وقد قال نافع: أنه كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يُحيي الليل صلاة، ثم يقول: يا نافع، أسحرنا؟ فأقول: لا، فيعاود الصلاة، ثم يقول: يا نافع، أسحرنا؟ فأقول: نعم، فيقعد ويستغفر ويدعو حتى يصبح.
وقد قال نافع: مرض ابن عمر، فاشتهى عنبا أول ما جاء، فأرسلت امرأته بدرهم، فاشترت به عنقودا، فاتبع الرسول سائل، فلما دخل، قال: السائل، السائل، فقال ابن عمر: أعطوه إياه، ثم بعثت بدرهم آخر، قال: فاتبعه السائل، فلما دخل، قال: السائل، السائل، فقال ابن عمر: أعطوه إياه، فأعطوه، وأرسلت صفية إلى السائل تقول: والله لئن عُدت لا تصيب مني خيرا، ثم أرسلت بدرهم آخر، فاشترت به، وقال ميمون بن مهران: دخلت على بن عمر، فقومت كل شيء في بيته من فراش أو لحاف أو بساط وكل شيء عليه، فما وجدته يساوي مائة درهم، وقال عبيدالله بن عدي، وكان مولى لعبدالله بن عمر، قدم من العراق، فجاءه يسلم عليه، فقال: أهديت إليك هدية، قال: وما هي؟ قال: جوارش، قال: وما جوارش؟
قال: تهضم الطعام، فقال ابن عمر: ما ملأت بطني طعاما منذ أربعين سنة، فما أصنع به؟ وكان عبد الله بن عمر رضى الله عنهما بعد وفاة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، قد شارك عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في فتوحات المسلمين في الشام والعراق ومصر وشمال إفريقيا أيضا، ثم وبعد وفاة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستلام عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعند بداية ملامح الفتنة التي عصفت بالمسلمين، فقد اعتزل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، الناس وابتعد عن الفتنة كاملة، وعلى الرغم من كل العروض التي أتته لاستلام القضاء في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، واستلام ولاة الشام في خلافة علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، إلا أنه آثر أن يبقى بمعزل عن الناس تماما.
وأما عن صفاته فقد روي عنه أنه كان رجلا أصلع الرأس جسميا، وكان أكثر أبناء عمر بن الخطاب شبها بوالده عمر رضي الله عنهما، وكان يحب التطيب، وأما عن تقاه وورعه فقد كان مشهودا له في ذلك بين الناس، وقد أسلم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو في سن صغيرة، ثمَ هاجر إلى المدينة المنورة مع والده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو لم يبلغِ الحلم، ولم يشارك في غزوة أحد لصغر سنه، ولكنه شارك مع المسلمين يوم الخندق فكانت غزوة الخندق أولى غزوات عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، وكان عبد الله من الصحابة الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة مع أمه السيده زينب بنت مظعون، وقد ولد عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، في مكة المكرمة.
وقد عاش فيها مدة عشر سنين، قبل أن يهاجر مع والده إلى المدينة المنورة، ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه ” عرضت على النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنه ولم أحتلم فلم يقبلنى، ثم عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسة عشرة سنه فقبلنى ” ثمَ شهد عبد الله بن عمر مع رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، غزوة مؤتة وفتح مكة فيما بعد، وقد توفي سنة ثلاثه وسبعين للهجرة وكان قد جاوز الثمانين عاما، وقد كان ابن عمر، من الرواة الثقات الذين يتحرون الدقة التامة في نقل أحاديث رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ويقول محمد الباقر عن عبد الله بن عمر: كان ابن عمر إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديثا لا يزيد ولا ينقص.
ولم يكن أحد في ذلك مثله، وقد قيل أنه بقي بن مخلد أحصى لعبد الله بن عمر رضي الله عنه، ألفين وستمائة وثلاثين حديثا بالمكرر، ولكن الشيخين الإمام البخاري ومسلم اتفقا على مئة وثمانية وستين حديثا لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد روى منها الإمام البخاري واحدا وثمانين حديثا، بينما روى الإمام مسلم واحد وثلاثين حديثا، وقد قال أيوب بن وائل الراسبي: قدمت المدينة فأخبرني رجل جار لابن عمر أنه أتى ابن عمر أربعة آلاف من قبل معاوية، وأربعة آلاف من قبل إنسان آخر، وألفان من قبل آخر، وقطيفة، فجاء إلى السوق يريد علفا لراحلته بدرهم نسيئة، فقد عرفت الذي جاءه، فأتيت سريته، فقلت: إني أريد أن أسألك عن شيء، وأحب أن تصدقينى، قلت: أليس قد أتت أبا عبدالرحمن أربعة آلاف.
من قبل معاوية، وأربعة آلاف من قبل إنسان آخر، وألفان من قبل آخر، وقطيفة، قالت: بلى، قلت: فإني رأيته يطلب علفا بدرهم نسيئة أى قرضا، قالت: ما بات حتى فرَّقها، فأخذ القطيفة فألقاها على ظهره، ثم ذهب فوجَّهها، ثم جاء، فقلت: يا معشر التجار، ما تصنعون بالدنيا، وابن عمر أتته البارحة عشرة آلاف درهم وضح، فأصبح اليوم يطلب لراحلته علفا بدرهم نسيئة، وروى البخاري عن نافع قال: حدثني ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنةً، فلم يجزني ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنةً فأجازني، رواه البخاري وكانت أول مشاركة لعبدالله بن عمر هي الخندق، وشهد غزوة مؤتة مع جعفر بن أبي طالب.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك