البحر الأحمر : مصطفى الأبنودى
حالة من الحزن الشديد تشهدها جميع أهالى مدينة القصير الشباب و الشيوخ و النساء و الطلاب بكافة المراحل التعليمية حتى الأطفال بعدما فقدوا 6 شباب ” طلاب مدرسة كمال الدين حسين الثانوية بنين ” جراء حادث إنقلاب سيارة ميكروباص بطريق القصير – قفط المعروف بـ ” طريق الموت ” كما أسفر الحادث عن إصابة 10 آخرين و الذين كانوا فى طريقهم لمحافظة قنا لتقديم واجب العزاء لأحد زملائهم فى وفاة والده .
تم تحويل المصابين لمستشفى الغردقة العام لتلقى العلاج لخطورة حالتهم، والمتوفيين هم ، ” حسن سراج الدين حسن ،محمد صلاح شرايف ، محمد عبد الغنى محمد ، محمد توفيق أحمد ، أحمد عبد الغفار شحات ، محمد طه سيد ” ، و 10 طلاب أخرين أصيب أثر الحادث تم نقلهم لتلاقى العلاج بمستشفى الغردقة العام لضعف الإمكانيات الطبية بمستشفى القصير المركزى.
و كان اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر قد أصدر تعليماته بتشكيل لجنة فنية من إدارة مرور المحافظة برئاسة اللواء هشام كمال الدين مدير مرور البحر الأحمر لفحص ومعرفة أسباب حادث القصير الذى أودى بحياة 5 وإصابة 10 آخرين جميعهم طلاب ثانوى، وأمرت نيابة القصير الجزئية بدفن جثث الطلاب الذين لقوا مصرعهم فى الحادث ،وأكدت النيابة على انتداب لجنة فنية من المرور لبيان سبب وقوع الحادث والذى قامت بشأنها بمعاينة أولية لمكان الحادث، ومن جانبه أعلن اللواء هشام كمال مدير إدارة مرور البحر الأحمر أن إدارة المرور قامت بالفعل بمعاينة أولية وتبين من خلالها أن انقلاب السيارة بسبب انفجار فى إحدى إطار السيارة الأمامية.
كما انتقل لمستشفى القصير المركزى قيادات محافظة البحر الأحمر وعلى رأسهم اللواء عادل التونسى مدير أمن البحر الأحمر واللواء يوسف الشاهد رئيس مدينة القصير و قيادات تعليم البحر الأحمر و مجلس أمناء المحافظة ، كما شهدت المستشفى تكدس عدد كبير من أهالى المدينة والمصابين والمتوفين للاطمئنان على المصابين وإنهاء إجراءات دفن المتوفين، فيما طالب أهالى مدينة القصير المسئولين ومجلس الوزراء ووزير النقل التدخل والنظر لطريق الموت كما أطلقوا عليه ، مرددين حسبنا الله و نعم الوكيل فى المسئولين الذين يتجاهلون تأمين طريق الموت حسبما وصفوه .
هذا و قد نظم طلاب المرحلة الثانوية بمدرسة كمال الدين حسين ” همام ” قبل طابور الصباح وقفة إحتجاجية صامته بعنوان ” حقهم مش هيضيع” ، و جاءت تلك الوقفة الإحتجاجية بمثابة رد فعل على فقد هؤلاء الطلاب لبعض من زملائهم فى الحادث المأساوى الأسبوع الماضى الذى راح ضحيته 5 طلاب ،و رفع الطلاب أثناء الوقفة الإحتجاجية لافته مكتوب عليها ” أغيثونا طريق الموت مدينة بلا مستشفى ” و عليها صور زملائهم الذين لقوا مصرعهم فى هذا الحادث ، و أكد أحد الطلاب أن تلك الوقفة بمثابة توصيل رسالة للحكومة و للمسئولين للإهتمام بمدينة القصير لأن المدينة بلا مستشفى و بها طريق الموت الذى يحصد من حين لآخر الكثير من الأرواح كونه غير ممهد و لا توجد به أى وسيلة إتصال و لا إسعاف و هو من أخطر الطرق و أطلقنا على هذا الطريق القصير – قفط طريق الموت.
و يقول محمد شاذلى بربرى أحد أبناء مدينة القصير أن كل مسئول هو سبب فى الإهمال الذى تعانى منه المدينة فمدينة القصير مدينة بالا مستشفى أدمية بلا مياه أدمية و الطرق المؤدية لها تسمى بطرق الموت و أضاف البربرى أن على المسئولين غلق الطريق لحين تغير مساره ، و أن على المسئولين أن يتقوا الله فى أهالى جنوب البحر الأحمر فكثرة الجفا يولد الكره .
و يؤكد أن ما يقرب من 13 ألف مواطن قد وقعوا على إستمارة سحب الثقة من محافظ البحر الأحمر اللواء أحمد عبد الله منذ ما يقرب من سنة و نصف، لمطالبة الأهالى بالإنتهاء من خط المياه الجديد و عودة الرافع و زيادة حصة المدينة من مياه النيل ، و الإنتهاء من مستشفى القصير الجديدة مع توفير التخصصات و الأجهزة المناسبة لتوفير الخدمة الطبية لأهالى جنوب البحر الأحمر ، و الإنتهاء من مشروع الصرف الصحى و رصف الطرق الداخلية ، و خلق فرص عمل داخل المدينة و الإهتمام بالملف الإقتصادى لما تتميز به المدينة من تعدد أوجه الإستثمار بها و ضمان نسبة التوظيف لأبناء المدينة ، و الأمر الهام طالبنا بالبدء فى تنفيذ مشروع إزدواج طريق القصير – مرسى علم و إزدواج طريق سفاجا – القصير و تأمين طريق قفط – القصير لوقف نزيف الدماء ، و أخذنا وعود كثيرة بحل تلك المشاكل و كانت كلها بمثابة مسكنات و لم تكتمل تلك المطالب إلى يومنا هذا .
و نشرت نقابة العاملين بفندق موفنبيك القصير بياناً للتعليق على الحادث الآليم الذى شهدته أهالى مدينة القصير ، حيث أكد على حسن رئيس نقابة العاملين فى البيان أننا لابد و أن نتعلم مما حدث ونراجع أنفسنا وتكشف وتوضح جوانب التقصير والإهمال التى أدت إلى حدوث الفاجعة والكارثة التى أدخلت الحزن على مدينة كاملة ، فهل السبب عدم وجود مسؤول عن فحص السيارات والتأكد من صلاحيتها للسفر . ام أنه الطريق الذى وصفه بـ (طريق الموت)الذى لا يصلح حتى بالسير على الأقدام وليس بالسيارات المحملة بأرواح المسافرين .
و تابع البيان على لسان رئيس النقابة ، أنه لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها فمن المسؤول؟ ، ام أنه التقصير من قبل شركات الاتصالات لعدم وجود أي شبكات للاتصالات حتى فى حالات الطوارئ بطول الطريق (180كيلو متر خارج الوجود) ، مضيفاً من يحاسب المسؤول؟ ، و أن من أكبر صور الإهمال إلا وهى مستشفى القصير حيث أنه لا يوجد رابط بينها وبين المسمى غير اللافتة فحدث والحجر أين المسؤل؟ ، و طالب رئيس النقابة في نهاية البيان السادة المسؤولين سرعة التدخل لحل هذه المشاكل حلولا جذريا لهذه المدينة ام أن أرواح أبناء هذه المدينة غير موجودة على خارطة الدولة.
و يعلق أبو الحسن بشير عمر المحامى و الباحث الحقوقى على طريق الموت و الحادث بصفة خاصة ، ان أسباب الحادث الاليم تكمن فى الاهمال و الاستهانة بالأرواح فعلى الرغم من تكرار الحوادث على طريق القصير- قفط بسبب افتقار الطريق لأقل معدلات الأمان و مخالفته لكل المواصفات القياسية المعمول بها لدرجة أن وزارة السياحة ألغت الفوج السياحي و منعت السيارات التى تحمل السياح من المرور بالطريق و كأن حل المشكلة فى حماية أرواح الاجانب دون الاهتمام أو الاكتراث بحياة المواطنين المصريين .
و على الرغم من إهتمام الدولة بتطوير الطرق السريعة الا أن طريق القصير – قفط أو ما يسمى بطريق الموت قد سقط من حسابات الحكومة تماما و تم تجاهله عند حصر الطرق التى تحتاج الى صيانة و تطوير فلا يوجد أية خدمات أو نقط اسعاف أو حتى شبكة اتصالات على هذا الطريق مما تسبب فى زيادة عدد الضحايا ، كما أكد أنه جارى في إعداد دعوى لإلزام الدولة بتطوير الطريق .
و يقول سعيد الصاوى مدير الشهر العقارى بالقصير ، طريق الموتكما يجب ان نطلق عليه ، حاصد ارواح الشباب ، ما من شهر يمضى دون ان يكون فى بلدتنا فقيداً راح ضحية لوحش يتربص بخيرة شبابها ، وهم فى طريقهم لكسب لقمة العيش ، كلنا نؤمن بان لكل اجل كتاب ، ولكن نؤمن ايضا بان الأخذ بأسباب الحياة عبادة ، ماذا فعلنا من اجل ان تكون طرقنا آمنة ، اين نحن من عمر ابن الخطاب ، وهو القائل ( ويلك يا عمر لو ان بغلة تعثرت في العراق لسئل عنها عمر لما لم تمهد لها الطريق) هكذا أعز الله الاسلام بعمر ، تلك هى الكلمات التى جالت بوجدانى ، ولست مدعيا أننى مبرءاً من العيوب ، ولكن اقر واعترف اننى مع الجميع مشتركاً فى التفريط والتقصير فى المسؤلية الملقاة على عاتق كل من يعيش على ارض هذه البلدة، فالساكت عن الحق شيطان اخرس، ومن منا تحدث واثار تلك المشكلة الا عندما تقع الكارثة ولبرهة ثم سريعا ما يتسلل إلينا النسيان وكأن شيئاً لم يكن.
مضيفاً ، طريق القصير مرسى علم ، الطريق الذى يخدم الكثير من الفنادق والقرى السياحية ، التى تقع على جانبى هذا الطريق، هو طريق الموت لما يحدث فوقه من حوادث أدت الى مصرع وإصابة الكثيرين من جروح وعاهات واعاقات ، وصلت الى حد ان اقعدتهم عن الحركة وممارسة حياتهم بشكل طبيعى ، المئات من شبابنا الذى يسعى جاهدا من اجل الحصول على لقمة العيش ، وهم فى طريقهم الى اعمالهم سواء فى مجال السياحة او حتى فى مجال التعدين حيث منجم السكرى، وليس الامر قاصرا على ابنائنا فقط بل امتد لكثير من الأجانب الذين اعطيناهم ميثاق العهد والامان عندما منحنا لهم تأشيرة الدخول للسياحة على ارضنا ، وهذا ما لا يقل شأنً عن يد الاٍرهاب التى تغمد سيوفها الغادرة فى ظهورنا عندما تعتدى على السائحين الذين يأتوا لبلادنا ، مما يصرفهم عنها الى ابدا الابدين ، خوفا من الموت وحرصا على حياتهم وسلامة اجسادهم .
فأين الأمن والامان حينما تكون الطرق هى احد اهم الأسباب فى ان يفقد المرء حياته ، منذ ان تم انشاء الفنادق الموجودة على شاطئ البحر الاحمر والممتدة على طول المسافة ما بين مدينتى القصير ومرسى علم ، ولم يعد هذا الطريق ، صالحا ً الى ان يكون طريقاً يعبروا من خلاله العامة الى حيث مبتغاهم بقدر ما يعبروا من خلاله الى العالم الاخر .
لماذا هذا الرعب الذى من الممكن ان ينتهى بفعل الانسان وما اسهله ، أليس من السهل ان تقوم الدولة وبأموال هذا الشعب بالعمل على ازدواج هذا الطريق ؟ وتوسعته درءاً لكل ما يحدث ووقفا لنزيف دماء الانسان المتكرر ، أليس لهذه الدماء حرمة كم تتكلف مثل هذه الطرق من الأموال ، لو ان هناك اجتماع تم ما بين ملاك تلك الفنادق بعضهم ببعض لجمعوها، وكفوا الناس شراً مستطيراً ، طال الصغار قبل الكبار ، والنساء والرجال والمواطنين والأجانب على السواء لم يدع احدا يسير آمن فى سربه، ان لم يكن ذلك لخطأ ً الشخص ورعونته فلخطأ الغير ، يا أيها المسئول اما آن الاوان ان ترجع عن سفك الدماء ، فحفنه من الأموال ليست كبيرة ستحقنها ، بعد ان طال الانتظار ونفد صبرنا ، ما عاد لنا دموعاً نزرفها على دماءاً قد تسيل يوما على طريق الموت فالكل يسئل لا محالة عن اننا يوما سفكاً دمائنا ، يوم ان التزمنا الصمت واكتفينا بالمشاهدة ، يوم ان جعلنا توافه الامور هى قضاينا .

التعليقات