الإثنين - الموافق 22 سبتمبر 2025م

مجوبي”: شغف مستمرّ نحو الأجمل /دليلة مالك

اعتبر “اسماعيل عبد الله” الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، إنّ استحضار ذكرى الفنان الجزائري الراحل الحي “عز الدين مجوبي” (30 أكتوبر 1945 – 13 فيفري 1995) بمثابة “قلادة تقدير وعرفان لشهيد قدم روحه فداءً للجزائر”.

برسم أولى الندوات الفكرية المصاحبة للمهرجان التاسع للمسرح العربي بوهران،
أبرز أمين عام الهيئة أنّ التوقف عند مسار “مجوبي”، يشكّل “ضرورة لكي نكون حاضرين اليوم وغدا”، وتابع في كلمة مقتضبة وعميقة: “جئنا جميعا اليوم لننسج من أضلعنا ومن ابداعنا ومن أرواحنا، فندوة مجوبي استثنائية ويحتفى فيها بشهيد المسرح الجزائري والعربي”.
من جهته، قال د. “يوسف عايدابي”: “نحتفي بالحياة وبالجمال، ونذكر مجوبي وعلولة وكاتب ياسين وعدد من الشهداء المسرحيين”، وأردف: “الفن لا يموت بل يغيرنا الى الأحسن والأجمل، وكل شهادة هي حياة جديدة”.
وأفاد المتحدث أن الملتقى الفكري هذا العام ينهض بالفعل المسرحي في محاور شتى، هناك شهادات عن الموتى الأحياء ستؤخذ كعبرة وموعظة للمسرح حتى يكتمل لأن المسرح هو شغف حتى الموت، شغف لا بد أن تبذل فيه الحياة لأجل الحياة، مشيرا أنّ هذا التناقض الجميل ليس فلسفة وإنما هو حياة حتى تستمر إلى يوم يبعثون.
وأضاف “عايدابي” أنّ المجال الفكري هي الحلقة الأساسية للتظاهرة، وهي عبارة عن محاكمات وتنظيرات في مجال البحوث النقدية والكتابات النقدية والكتابات المسرحية للكبار وللصغار وأيضا ورشات مسرحية في مختلف المجالات.
المسرح العربي ما يزال مستهدفا
أكد “عايدابي” أنّ الهيئة العربية للمسرح تهدف عبر المهرجان إلى لمّ شمل المسرحيين العرب وكسب مزيد من التعارف والتواجد والتناسب مع التجارب المسارح العربية المختلفة، مشيرا أنّ الكثير من أهل المشرق سمع عن التجربة المسرحية الجزائرية، لكنهم لم يعايشوا شخوصهم إلاّ في مثل هذا اللقاء.
وأردف: “هناك مناظرة مهمة عن مسرحية أبراهام دانينوس، فما كتب عنها في بريطانيا والمناظرة التي بدأت في 2014 في الشارقة ستكتمل بوهران، بغاية إدراك أنّ المسرح العربي بشكل أو بآخر مازال مستهدفا وكل القيم العربية مستهدفة، وبالتالي هناك عمل على اعادة اكتشاف المسرح العربي وقيمه التي سُلبت منه وأن نجد صورة شخصية لهذا المسرح الغائب بين الأنا والآخر”.
وقدّر “عايدابي” أنّ هذه الدورة بما فيها من برنامج فكري، تدعو الى السؤال عن الريادة المسرحية سواء في الكتابات الركحية أو السينوغرافيا أو الإخراج وتقنيات المسرح المختلفة والى القطيعة ما بين الحاضر والماضي التقليدي للمسرح العربي وبدايته في كل الدول العربية، إلى أن نصل الى نوع مسرحي جديد يجعل المتفرج متفاعلا في الفعل المسرحي، ويعوّل على المتخصصين لإثراء هذا الحوار وبلوغ نتائج طيبة.
صور وبكاء، فغناء
في الجلسة الأولى التي أدارتها د. “ليلى بن عائشة”، قدّمت الكاتبة “نجاة طيبوني” مادة فيلمية مدتها 20 دقيقة، كانت بمثابة أقوى المشاهد التي قدمها الفقيد “مجوبي” في مساره المسرحي الحافل، ونقلت بعض تصريحات صاحب (العيطة)، وشكّلت بحق لحظات من الحزن والأسى لخسارة هذه الأيقونة المسرحية الجزائرية، والظاهرة الفنية التي تحب المسرح أكثر من أي شيء أخر.

من جهته، تناول المخرج “عمر فطموش” جانبا من حياة “مجوبي”، وقال “بكينا كثيرا على عز الدين وأعتقد أنه حان الوقت لنغني له”، وذكر أنه عرف “مجوبي” في مسرحية “عالم البعوش” التي اقتبسها عن “عدو الشعب” لـ “هنريك إبسن”، ووصفها بـ “التجربة القوية جدا”.
وأفاد “فطموش” إنّه التقى “مجوبي” في مدينة بجاية، وهو يُعد مسرحية “لحوينتة”، واكتشف أنه يحب الغناء كثيرا، وربما هذا ما يعكس توجه مجوبي للغناء في كل المسرحيات التي شارك فيها، وأردف أنّ لـ “مجوبي” صوت جميل جدا وأنه يحب الغناء بالأمازيغية رغم أنه لم يتقنها، لكنه كان يتذوق شاعرية الألحان بكل حب.
وفي مشهد تمثيلي جسده الفنان “أحسن عزازني”، أدت الممثلة “رحيمة” أغنية بالأمازيغية مشبعة بالأمل، متطلعة لغد أفضل للوطن والمسرح على السواء.
عاطفة وتجليات
اختار الناقد “عبد الناصر خلاف” أن ينغمر في روح “مجوبي”، ومضى يسرد أشواطا راسخة في رصيد الفنان الراحل منذ ميلاده سنة 1945 مرورا بدراسته وزواجه عام 1972، وصولا إلى عشق “مجوبي” للخشبة وارتباطه بالمسرح أكثر من العائلة، ما جعله ينجب عشرات البواكير المميّزة على مدار أربعة عقود.
وفي اقترابه من سيرة “مجوبي”، خاض “خلاف” في مغامرة المسرح المستقل التي خاضها “أب نوّارة” مع فرقة القلعة بداعي التجديد وتكوين اطار معين لهدف معين، لكن “ظهرت فيما بعد حسابات أخرى”، جعلت “عز الدين” يختار الرحيل والالتحاق بمسرح باتنة الجهوي” كمكوّن ومخرج.
وأحال “خلاف” على جوانب أصيلة في شخص “مجوبي” الذي رفض اعتباره مخرجا مسرحيا رغم براعته، مثلما كان “عز الدين” متواضعا، متزّنا، صبورا، ومبدعا سرعان ما فجّر طاقته في العمل الخالد “حافلة تسير” عبر 220 عرضا، ثمّ “مسرحية الشهداء يعودون هذا الأسبوع”، وأخيرا “العيطة” التي قال بشأنها “تفوقت على نفسي وانتصرت لذاتي”.

وانتهى “خلاف” إلى التأكيد على أنّ يد الغدر سرقت أهم رجل مسرحي في الجزائر، وخسر المشهد الثقافي رجلا متنورا كان يعد بالكثير من الحراك الثقافي والابداعي.
وانتهى “خلاف” إلى التأكيد على أنّ يد الغدر سرقت أهم رجل مسرحي في الجزائر، وخسر المشهد الثقافي رجلا متنورا كان يعد بالكثير من الحراك الثقافي والابداعي.

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك