السبت - الموافق 15 مارس 2025م

محمد زكى يكتب :- ومازالت الأرض بور ..

سبق النشر فى 26 / 09 / 2012

 

قرية المصراوية التي بها حوالي 9 آلاف مواطن تعيش بصورة رئيسية علي الزراعة حيث يقع في زمام القرية مساحة كبيرة من الأرض الزراعية الخصبة.

ويعيش أهل القرية علي ماتنتجه الأرض من محاصيل ويتولي إدارة وزراعة الأرض شخص يقوم أهل القرية بإختياره.

وقد تناوب علي المسئولية الكثيرون بعضهم كان مصراوي والبعض كان من خارج القرية لأن القرية تمتلك موقع وطقس ممتاز فهي مطمع دائم للآخرين بل إن من يتولي زراعة أراضيها تكون له مكانة مرموقة لدي القري الأخري.

وقد خاضت القرية تجربة مريرة مع أخر أبنائها ممن تولوا الأمر حيث أن الدورة الزراعية 4 سنوات وعلي القرية البحث بعدها عن مسئول آخر يتولي الزراعة ولكن هذا الرجل ظل 30 سنة متمسكاً بالمنصب بل كان يتحايل للبقاء أكبر فترة وقد مهد الطريق لأحد أبنائه لأن يتسلم المهمة من بعده.

والرجل كبر في السن وتخطي الثمانين ولم يعد يقوي علي زراعة تلك المساحة الشاسعة من الأرض التي تحتاج إلي شاب فتي علاوة علي أنه قد إستولي علي معظم الموارد ولم يكفه ذلك فقد مكن أسرته من زراعة أفضل وأجود القطع الزراعية في القرية ولم يعد أهل القرية يحصلون إلا علي الفتات حتي عم الفقر أنحائها رغم مواردها الغنية.

لذلك ثار بعض الشباب بالقرية وإنضم إليهم كل الأهالي وتم إقتلاع الرجل بكل من معه وبكل أدواته.

ولم يكن بالقرية من يستطيع الزراعة لأن المخلوع لم يُعلم أحد والقرية كلها لايبرز فيها من يتقن الزراعة لذلك أعلنت القرية أنها بحاجة لأحد ابنائها ليقوم بزراعة أراضيها فتقدم الطامحين وإختار الأهالي وتمت التصفية بين رجلين أحدهما كان يعمل مع المسئول السابق ولديه الخبرة والدراية والآخر من أسرة منكفئة علي نفسها ومغلقة دائماً أبوابها وكان البعض يتحاشاهم أيام المسئول السابق لأنهم كانوا علي خلاف معه.

وكاد المرشح الذي عمل مع المسئول السابق أن يفوز ولكن أسرة المنافس رغم أنهم حوالي 200 فرد فقط ومع أصدقائهم يمكن أن يصل العدد إلي 500 إلا أنهم إستطاعوا المنافسة بأحد رجالهم غير المعروفين تماماً في القرية وحصلوا علي تأييد 1300 من أهل القرية وهو ما أهله لتولي إدارة أرض البلد الزراعية.

وهنا تفاءل الناس خيراً لأنه رجل دمث الأخلاق وتخوف البعض من أنه لا يمتلك معرفة بأسس الزراعة الحديثة ولكنهم قالوا أن الرجل كانت لديه حديقة صغيرة أمام منزله وكان يتقن زراعتها.

وهنا وجد الأهالي أن أسرة المسئول المنتخب بدأت في إعداد الكثير من المحلات التجارية بالقرية رغبة منهم في الإستئثار بتصريف المحاصيل .. وأرسلوا رجالهم للإستيلاء علي الجمعية الزراعية رغم أن هناك إدارة منتخبة ولكنهم قالوا أنها إدارة عينها المسئول السابق ..وقاموا بتغيير شيخ الخفر وأعوانه وإستبدالهم بآخرين ليسوا من أسرتهم ولكنهم موالين لهم.

وفي مدرسة القرية أقعدوا المدير وإستبدلوه برجل منهم وهو ما ترتب عليه أن رواد الفصول من التلاميذ أصبحوا أبناء الأسرة ..ومسجد القرية يحاولون أن يكون الخطيب دائماً من أسرتهم .. ومقهي القرية الذي يلجأ إليه الاهالي للنقاش والإسترخاء أجبروا صاحبه وكل العاملين به علي تسليمه لهم ومن ثم يتم إختيار من يجلس ومن يتحدث بل والسيطرة علي نوعية مايقال.

أما المسئول الذي تفعل أسرته كل هذا فهو الرجل الهادئ الورع وقد تسلم كل قطع الأراضي الزراعية بالقرية وهي أرض خصبة ولكنها تحتاج إلي عمل جاد وشاق فبدأ بالحصول مضطراً علي سلفة كبيرة وضعت القرية كثاني أكبر قرية مديونية في الدولة ثم إذا به لايجلس كثيراً في القرية بل يسافر إلي القري القريبة والبعيدة للتمهيد لتجارة وصفقات.

أهالي القرية لم يجدوا تغييراً جوهرياً فقد ثاروا علي رجل أراد توريث إبنه أما الآن فالمقصود توريث العشرات .. ويقول أهل القرية هل مجرد دورة زراعية 4 سنوات تحتاج كل هذا الإستبعاد لأهالي القرية من كل أماكنهم وإحلال موالين للمسئول الجديد !!! .. إذن هم لايريدون ترك المهمة بعد أربع سنوات .. وإذن هم إستنساخ للرجل السابق بل بعمق أكثر.

ولم يعد هؤلاء المعترضون يجلسون علي مقهي القرية فإن هناك صبية يجلسون طوال النهار بلا عمل ولكنهم يسيئون إلي من ينتقدهم أو يتحدث بما لايعجبهم ولايوقرون كبيراً ولايعرفهم أحد من أبناء القرية .. وهنا تتجمع الآن بعض الأسر ويحدث بينهم تحالف من أجل الوقوف سداً منيعاً أمام مايحدث بالقرية.

جئتكم الآن من المصراوية حيث القرية ترقد علي نار وكثير من الأهالي يشعرون بالغيظ ويحاولون الإتفاق ولم الشمل .. أما الأسرة التي تولي أحد رجالها زراعة أرض القرية والتحكم في مقدراتها ومصدر الدخل الوحيد لأهاليها فهم يسابقون الزمن في السيطرة علي كل شيئ ويعتقدون أن تلك هى أفضل وسيلة للنجاح.

ولكن المفاجأة بعد مرور كل هذا الوقت .. أنه مازالت الأرض بور !!!.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك