اختلف المفسرون فى الحروف المقطعه فى أوائل بعض السور القرآنية فمنهم من قال إنها مما استأثر الله بعلمه و لم يفسروها ،و منهم من فسرها و هؤلاء اختلفوا في معناها فمنهم من قال
إنها من أسماء القرآن و هناك من قال إنها من أسماء الله و قيل أن الحروف التى ذكرت فى القرآن فى أوائل السور بحذف المكرر هى اربعه عشر حرف و هى مشتملة على أصناف أجناس الحروف.
و مما لا شك فيه أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه عبثا فإن صح لنا فى تفسيرها عن المعصوم شئ أو ظهر لنا دليل قلنا به و إلا وقفنا و قلنا (آمنا به كل من عند ربنا )،و لم يجمع العلماء فى تفسيرها على شئ.
إن الله سبحانه أتى البشر من المواطن التى ظنوا قوتهم فيها،فكل رسول نزل على قومه بمعجزه و لابد أن تكون معجزته فيما يعلمونه بل و يتقنونه ،فحينما يتحداهم و يتفوق عليهم يلزمهم الحجه،فموسى عليه السلام تحداهم فى السحر و ذلك ما اشتهروا به و هو البراعه فى السحر،و أتى نبى الله عيسى عليه السلام بإبراء الأكمه و الأبرص و إحياء الموتى فى قوم اشتهروا بالبراعه فى الطب،و أتى إبراهيم عليه السلام قومه بإبطال السبب المادى الذى اعتمدوا عليه و هو النار العظيمه التى اشعلوها(قلنا يا نار كونى بردا و سلاما على إبراهيم )،و كذلك أتى الرسول صلى الله عليه وسلم بالقرآن و هو معجزة فى البلاغة و الفصاحة فى قوم كانت فصاحة القول براعتهم و تنافسهم ،حتى إنهم علقوا على الكعبه (المعلقات السبع)تكريما لشعرائهم ،فتحداهم عز وجل قائلا (و إن كنتم فى ريب ممانزلنا على عبدنا فأتوا بسوره من مثله و ادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين).
فهذه الحروف بيان لإعجاز القرآن و إن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعه التى يتخاطبون بها.
و لم ترد كلها مجموعه فى أول القرآن إنما كررت ليكون أبلغ فى التحدى و التبكيت ،و جاء منهاعلى حرف كقوله (ق)و حرفين مثل (حم)و ثلاثه مثل (ألم)و أربعة مثل (ألمر)و خمسه مثل (كهيعص)،لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف و حرفين و ثلاثه و اربعه و خمسه.
فكان الانتصار للقرآن و بيان إعجازه و عظمته فى تسع و عشرين سوره.
التعليقات