لقد أثار جو بايدن مرشح الرئاسة الأمريكى كثير من الشجون عندما وجه كلمته للمسلمين مستفتحها بحديث رسول الله ﷺ الذي يقول فيه “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان”، وأدعى البعض أن بايدن يتحايل على المسلمين ويستجدى أصواتهم فى الإنتخابات الأمريكيه االتى ستعقد بعد ثلاثة أشهر.
وقد يكونوا محقين، ولكن أليس هناك مصلحة مباشرة للمسلمين والعرب فى الخلاص من ذلك الأرعن ساكن البيت الأبيض، ومصلحة لكل أمريكى بل لكل إنسان مؤمن بالسلام والتعايش أن يزاح هذا الأرعن من ذلك الموقع الحساس.
وحتى لو تناسينا الإنتخابات الأمريكيه ونظرنا لحالنا وحياتنا اليوميه أليس من مصلحتنا الشخصيه ومصلحة مجتماعاتنا أن نعمل بهذا الحديث، حتى من لم يؤمن برسالة محمد ﷺ، أليس العمل بهذا الحديث يناسب الأخلاق ومصالح المجتمع؟
وتمادى جو بايدن فى إثارة الشجون عندما قال”أتمنى أن نُعلم المزيد في مدارسنا عن العقيدة الإسلامية” ، وشعرت أننى أشاركه تلك الأمنيه وأننى أقول فى نفسى وهل تُفتح مثل تلك الفصول لمسلمى اليوم الذين أغلبهم لا يعرفون من الإسلام إلا العبادات وحسب.
فالحق يقال نحن نعيش فى زمن فقد فيه الغالبية العظمى من البشر كل إحساس بالمسئوليه حتى أننا أصبحنا نستمتع بمشاهدة الظلم الذى يعلوا على كل درجات المنكر، بل فقد تبلد إحساس الكثيرين من المسلمين فى كثير من أرجاء العالم، وأصبح مشاهدة المنكر والظلم يمر عليهم كل يوم دون حتى أن يقابلوه بأبسط درجات الرفض، وبل وأصبحنا نمارس الظلم عن عمد أو جهل.
وتكبر المأساه عندما يصبح رؤساء دول ومسؤولون عن حال البشر ومسؤولون عن تجمعات إسلاميه عالميه ومحليه، وزعماء محليين وعالميين يرددون كل صباح كلمات الله ورسوله ثم يروا ذلك المنكر البين ولا يسعى أى منهم لتصحيحه، وغالبا ما يكون عن خوف أو لأن مرتكب الخطأ ينتمى لفصيلته، وتناسوا هؤلاء أو أساءوا تأويل حديث أخر لرسول الله ﷺ الذي يقول فيه “انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره”
وكل ذلك يمر بخاطرى وأرى أناس يتحملون مسئوليه ولا يعطوها حقها، فإذا أخطأ أحدهم أو من هو من فصيلته حاولوا بكل جهدهم أن ينصروه ظالما، ولكن عكس قول رسول الله ﷺ فيؤيدونه فى ظلمه ولا يردونه عنه حتى بالقول ويبحثون له عن الحجج و الأعذار، ويستخدمون فى ذلك الحجج المصطنعة وهم بذلك يتناسون ويتأولون حديث أخر لرسول الله ﷺ الذي يقول فيه “إن لربك عليك حقا، وإن لبدنك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه” ولم يدرك هؤلاء أو تناسوا أن التعديد ليس للقصر على تلك الأمور ولكن لضرب المثل، ولا يعطون لكل ذي حق حقه.
وهم بأفعالهم هذه يصدق عليهم قول رسول الله ﷺ “إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد”، وأعود لأؤكد أن المقصود هنا ليس السرقه فحسب ولكن حتمية العدل فى إعطاء الحقوق، وليس الغنى والفقر ولكن ضرورة المساواة والعدالة بين الناس، وألا يتستر أحد خلف أوهام أن كلما خُطئ أحدا منهم فهى مؤامرة، لأنه ليس من معنا فهو ضدنا، وللأسف فالعكس صحيح لأن كل من لم يؤدى الحقوق يفتح باب للهزيمة والسقوط، فهو متأمرعن جهل، وهذه أخطر درجات المؤامرة.
وقد تناسى هؤلاء مقولة شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله بأن “الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة” إن ذلك ينطبق على الدول كما ينطبق على الجماعات والمؤسسات وحتى على الأسر كل فى موضعه.
فهل مازلنا ننتظر أن يأتى نصر الله؟
ذلك لن يحدث حتى يفيق الساكتون عن الحق لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، ولأن الله تعالى قال فى كتابه الكريم “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”، ولأصحاب السعادة المسؤولون كلٌ فى مكانه قال الله تعالى فى كتابه الكريم “….وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم”
التعليقات