كتب :- محمد زكي
تتميز سلطنة عُمان بحضورها التاريخي والثقافي الكبير في منطقة شرق افريقيا بشكل يؤهلها لأن يكون لها دور اكبر تجاري واقتصادي في تلك المنطقة، بما يعود بالنفع على شعوب البلاد.
وقد شرعت عُمان بالفعل في الالتفات إلى الاهمية الاقتصادية والتجارية لتلك المنطقة، وتسعى لتوظيف موقعها البحري لخدمة ذلك، وتتجلى مؤشرات الاهتمام العُماني في التالي:
المؤشر الأول ويتمثل في بدء خدمة الربط الملاحي المباشر بين ميناء صلالة وميناء بربرة في الصومال منذ منتصف شهر أكتوبر 2015 مع إمكانية توسع خدمات الموانئ إلى موانئ أخرى في المنطقة في مرحلة لاحقة نظرا لأهمية موقع السلطنة الاستراتيجي والذي يسهم في لعب دور فعال في ربط موانئ أفريقيا مع موانئ المنطقة.
المؤشر الثاني: أن اتفاقية تطوير ميناء باجامويو التنزاني التي تم التوقيع عليها في 2015 سوف تفتح آفاقا أرحب للتعاون وإيجاد فرص استثمارية للشركات الوطنية ورجال الأعمال بين سلطنة عُمان وتنزانيا.
كما أسفر اللقاء الترويجي العماني بتنزانيا والذي يستعرض فرص الاستثمار المشتركة عن تأسيس شركة عمانية- تنزانية للاستثمارات المشتركة، وهو دليل على الرغبة المشتركة لكلا الجانبين لتقوية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية في العديد من المجالات، كما يعتبر فرصة مثالية للشركات من البلدين للتعرف على الفرص الاستثمارية ذات الاهتمام المشترك.
بالإضافة إلى فتح أسواق عُمانية جديدة في القارة الإفريقية من خلال جمهورية تنزانيا التي تمتاز بإطلالتها على المحيط الهندي باعتبارها بوابة إلى العديد من الدول الأفريقية كما تهدف إلى إيجاد شراكات للاستثمار وربط موانئ كل من الدقم وصلالة وصحار بميناء دار السلام.
المؤشر الثالث: التوقيع على ثلاث اتفاقيات تعاون بين الجانبين العماني والأثيوبي على هامش افتتاح معرض المنتجات العمانية “أوبكس ٢٠١٦” بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا، في مجال الخدمات اللوجستية والنقل بهدف تقديم خدمات التخليص والشحن وتسهيل التبادل التجاري بين السلطنة وأثيوبيا، وإنشاء مصنع عُماني في أثيوبيا لخدمة السوق المحلي وكذلك أسواق الدول المجاورة، واتفاقية في مجال المواد الغذائية، بهدف توزيع واستيراد معظم أنواع الزيوت التي يتم إنتاجها في السلطنة.
يأتي هذا الاهتمام الاقتصادي والتوجه العُماني نحو أفريقيا في إطار الاستعدادات للاحتفال بيوم النهضة في 23 يوليو المقبل والعيد الوطني السادس والأربعين لمسيرة البناء والتنمية.
لا شك أن هذا التوجه العُماني الى شرق افريقيا التي تربطها بها روابط تاريخية وثقافية يمكن توظيفها اقتصاديا وتجاريا بما يخدم الطرفين ويحقق مصالح كبيرة لهما.
فالسلطنة هي الوحيدة بين البلدان العربية والخليجية التي لها علاقات تاريخية بشرق افريقيا. وما زال لها حضورها الثقافي والتاريخي في تلك المنطقة، بما يعطيها ميزة التعامل مع بلدانها بشكل تتميز به عن بقية البلدان العربية.
فما زالت اثار الوجود العماني في تلك المنطقة حاضرة حتى اليوم، من حيث الابنية القائمة وكثير من العادات والتقاليد المشتركة. فضلا عن البعد الثقافي المتمثل في اللباس العماني الذي لا يزال موجودا ومنتشرا وكذلك اللغة السواحلية لتلك المنطقة التي يجيدها كثير من العمانيين.، اضافة إلى وجود عوائل منحدرة من اصل عماني كثيرة ومنتشرة هناك.
كل ذلك يمثل خلفية ثقافية وتاريخية يمكن للعمانيين البناء عليها وتجعلهم محل ترحيب في تلك المنطقة الزاخرة بمواردها الطبيعية، حيث الاراضي الشاسعة البكر الصالحة للزراعة وتربية الحيوانات، ووفرة المياه العذبة والايدي العاملة الرخيصة والموارد الطبيعية الاخرى من ثروة حيوانية ونباتية ومعدنية. إضافة إلى التسهيلات التي تقدمها حكومات بلدان المنطقة فيما يتعلق بحقوق التملك والاستثمار واقامة المشروعات التي تعود بالنفع على المستثمر وعلى اهل تلك البلدان.
ومع التطورات الاقتصادية العالمية، ثمة سعي عُماني حثيث نحو شراكة اقتصادية عُمانية أفريقية من جديد، يتحقق فيها الاستغلال الأمثل للموقع الجغرافي البحري للسلطنة وموانئها خاصة مينائي الدقم وصحار، بما يصب في النهاية لمصلحة الاقتصاد العماني ويحقق الفائدة لبلدان المنطقة وغيرها.
التعليقات