مسقط، خاص: محمد زكى
الاحتفال بقدوم عيد الفطر في سلطنة عُمان يحمل عبق التاريخ والحضارة والحفاظ على موروث الأجداد ليتناقل إلى الأحفاد، فمع اقتراب نهاية شهر رمضان المبارك وبدء عيد الفطر، يتقاطر الناس على المراكز التجارية للتسوق وشراء مستلزمات العيد، لكن العمانيين لهم وجهة أخرى فريدة ومتميزة غير المراكز الحديثة، وجهة يعرفونها منذ القدم، يجتمعون فيها قبل عدة أيام من بداية العيد للبيع والشراء تسمى “الهبطات”، يتسوقون منها مستلزمات العيد.
“الهبطات”.. موروث ثقافي واقتصادي
“الهبطات”، هي عبارة عن موعد معين وثابت ومعروف لدى الأهالي، وهي إرث قديم بالسلطنة، عبارة عن سوق مفتوحة تشهد إقبالاً كبيراً من الزوار والمواطنين، وتقام في جو تقليدي متميز قبل العيد بأيام.
وتبدأ فعاليات سوق الهبطات في جميع محافظات وولايات السلطنة قبل العيد بأيام، وتستمر إلى ما قبل العيد بيوم واحد، وبذلك يُسدل ستار الهبطات في السلطنة إلى الموسم القادم.
تتواصل الهبطات في العديد من المحافظات حتى التاسع والعشرين من رمضان، وهي تبدأ من شروق الشمس إلى الحادية عشرة صباحاً، وتتجاوز أحياناً إلى الواحدة ظهراً، وهذا توقيت ثابت لأغلب الهبطات في السلطنة.
وتعتبر هبطات العيد إرثاً حافظت عليه الأجيال المتعاقبة، ومن التقاليد العمانية العريقة التي يسبق إقامتها الاحتفاء بالعيد، وتحقق عوائد اجتماعية واقتصادية، ويحرص العمانيون على التوافد إليها في الأيام الأخيرة من شهر رمضان استعداداً للعيد وللتزود باحتياجاتهم من متطلباته.
الهبطات وفرحة العيد
وتمثل هبطة العيد أول أفراح العمانيين بعيد الفطر المبارك، خاصة الأطفال الذين يحرصون على حضورها وهم يرتدون أجمل ما عندهم من الملابس العمانية، حيث تلبي تلك الهبطات احتياجات الأم والطفل معاً، وتوفر العديد من السلع والبضائع؛ من ألعاب وملابس جاهزة ومستلزمات تُستخدم للتعبير عن الفرحة بالعيد، إضافة إلى شراء الرجال والنساء احتياجاتهم من المواد الغذائية التي يتم بها إعداد العديد من الأكلات العمانية التقليدية ومستلزمات “الشواء”.
كما تمثل “الهبطات” فرصة كبيرة لشراء السلالات العمانية من الأغنام والأبقار، حيث تعد تلك الهبطات فرصة للمربين لبيع مواشيهم بأسعار جيدة، كما يحرص العديد من المواطنين على شراء صغار المواشي، المعروفة باسم “المواليد”؛ لاستخدامها في الوجبة العمانية التقليدية والمعروفة بـ”العرسية”، وهي وجبة تؤكل عادة قبل الذهاب إلى مصليات العيد، تتكون من الأرز واللحم، ويضاف إليها السمن البلدي.
وتشهد “هبطات” العيد إقبالاً كبيراً بدءاً من ساعات الصباح الأولى، ويتوافد إليها الناس من مختلف القرى التابعة للولاية، وتضم الهبطة سوقاً تكتظ بالأغنام والأبقار المحلية، وباعة يلبون احتياجات الأطفال للعيد من الألعاب والملابس، وآخرين للمأكولات العمانية والمواد التموينية التي تشكل أساساً للعديد من الأكلات العمانية التي يتم تجهيزها للاحتفاء بعيد الفطر.
من بين المشتريات التي يحرص العمانيون على شرائها من الهبطات، “عيدان المشاكيك” المصنوعة من جريد النخيل، و”خصفة الشواء” المصنوعة من سعف النخيل، إلى جانب الحطب، وشراء السكاكين والأدوات المستخدمة في ذبح وتقطيع لحوم العيد، وأوراق الموز التي تُستخدم في لف “لحم الشواء” إضافة إلى شراء الحلوى العمانية والعسل والتوابل والمكسرات.
وإضافة إلى هبطات العيد التي تقام قبل أيام عيدي الفطر والأضحى، هناك أسواق تقليدية أو حديثة في العديد من الولايات، منها الأسبوعية المعروفة بأسواق “الأربعاء أو الخميس أو الاثنين”، وأخرى موجودة على مدار العام كسوق مطرح وسوق نزوى والسوق المركزية بمحافظة ظفار وسوق البريمي وسوق صحار.
التعليقات