تعتبر المعاهدات الدولية المصدر الأول للقانون الدولي كما أنها تعتبر أداة تنظيم بين العلاقات الدولية منذ القدم حيث كانت المعاهدات الدولية قديماً بمثابة صلح وتحالف بين الدول لكن مع تطورات التي شهدها القانون الدولي أصبحت المعاهدات تتعدى كونها مجرد تحالف عسكري او صلح يحكمها العرف لكن فيما بعد جرى تدوين هذه الإجراءات والقواعد العرفية عن طريق لجنة القانون الدولي التابعة الى جمعية الأمم المتحدة فيما يعرف قانون المعاهدات الدولية (اتفاقية فينا للمعاهدات الدولية) والتي دخلت حيز التنفيذ 27 يناير عام 1980م وتعتبر المرجع الأول للمعاهدات الدولية حيث تناولت اطراف المعاهدات، موضوعاتها والإجراءات المتعبة في الانضمام لها.
أولاً – ماهية المعاهدات الدولية:
تعرّف المعاهدات الدولية حسب المادة الثانية من قانون فينا للمعاهدات الدولية على انها اتفاق دولي بين الدول والذي يصدر بصيغة مكتوبة والمنظم حسب القانون الدولي سواء تضمنها في وثيقة واحدة ام اكثر او تعرف على انها اتفاق دولتين او اكثر الى احداث اثر قانوني وفق قواعد القانون الدولي..
ثانياً – خصائص المعاهدات الدولية:
التعبير عن إرادتين أو أكثر الى إحداث أثر قانوني حيث تعتبر المعاهدات الدولية تصرفات قانونية تصدر عن توافق ارادتين لإحداث أثر قانوني ولا يشترط أن تكون نوافق هذه الارادتين في وقت واحد بل يمكن أن يكون تصرف منفرد اي صادر عن دولة واحدة يستتبعها موافقة الطرف الاخر او يمكن ان تكون توافق الارادتين او اكثر في وقت واحد ويقصد بان المعاهدات هي تصرفات قانونية اي تهدف الى انشاء حقوق وواجبات للدول الاطراف بحيث تكون ملزمة لهم اما التصرفات القانونية الغير ملزمة مثل تصريحات الرؤوساء كالقمة العربية او القمة الاوروبية وغيرها لا تعتبر معاهدات نظراً لعدم الزاميتها. ان تصدر المعاهدات بصيغة مكتوبة: إن التعبير عن المعاهدات يجب ان يتخذ شكلاً معيناً وهي ان وتكون مكتوبة وفق معاهدة فينا للمعاهدات الدولية الا انه اذا لم تكن المعاهدة الدولية مكتوبة الا ان هذا لا يخل من قوتها القانونية.
انها عبارة عن اتفاق أو أكثر بين شخصين من اشخاص القانون الدولي: ويقصد بها نسبة المعاهدة الدولية لاطراف القانون الدولي اي يقصد بهم الدول وهذا ما اخذت به اتفاقية فينا الا ان الاتفاقيات بين الدول والاشخاص الاخرين (مثل شركة عالمية متعاقدة مع دولة ما) لا يخل بالقوة القانونية لهذه الاتفاقية.
أن تكون منعقدة وفق القانون الدولي: اي انها خاضعة للقانون الدولي وفي حالة انها كانت خاضعة لغير القانون الدولي لا تعتبر معاهدة دولية كان تكون مثلاً خاضعة للقانون داخلي في هذه الحالة لا يمكن اعتبارها معاهدة دولية. يمكن أن تضمنها وثيقة واحدة أو أكثر: حيث يمكن ان تكون المعاهدة الدولية وفق وثيقة واحدة او وثيقتين او اكثر. تعدد التسميات: حيث يمكن ان يكون للمعاهدة الدولية اكثر من مصطلح وذلك حسب كل الدولة حيث يمكن للدول ان تعدد فيها مصطلح المعاهدة.
ثالثاً – أقسام وأنواع المعاهدات:
1- من حيث عدد الأطراف:
معاهدة ثنائية الأطراف: وهي تلك المعاهدة التي تنشأ بين طرفين دولة ومنظمة دولية او منظمتين دوليتين او دولة ودولة اخرى لكن المشكلة التي تواجه هذا النوع من المعاهدات هو التحفظات على هده الاتفاقيات حيث ان الدولة الطرف ان تقبل المعاهدة بما فيها من تحفظ او يرفضها نهائياً ،فقها يعتبر التحفظ جائزاً فقهياً حيث يعتبر بمثابة ايجاب جديد انا يقبله الطرف الاخر او لا يقبله كمان يمكن ان يكون صراحةً او ضمناً.
معاهدة متعددة الأطراف (الجماعية): وهي التي تنشأ بين اكثر من دولتين او قد تنشأ بين اكثر من منظمتين دوليتين واهم مثال عليها هي اتفاقية باريس لنهاية حرب القرم.
2- المعاهدة من حيث طبيعتها:
معاهدات شارعة: يكون الهدف من هذه المعاهدات ايجاد قواعد قانونية جديد لتنظيم العلاقة بين اشخاص القانون الدولي ،اما اذا كانت قاعدة قانونية عامة فانها لا يمكن اعتبارها قاعدة شارعة من اهم الامثلة عليها اتفاقية لاهاي 1899م واتفاقية فينا لعام 1815م.
معاهدات عقدية: وهي تلك المعاهدات التي تبرم بين دولتين أو أكثر أو دولة وهيئة خاصة لامر خاص وهذه نوع من المعاهدات لا يحكمها القانون الدولي يمكن ان تحكمها قوانين خاصة، كما سمكن ان يحكمها قانون الدولي وقانون خاص.
3- من حيث المدة:
معاهدة مؤقتة.
معاهدة غير محددة (دائمة).
4- من حيث موضوعها:
معاهدات سياسية.
معاهدات اقتصادية.
معاهدات اجتماعية.
وغيرها.
رابعاً – الشروط الشكلية لإبرام المعاهدة:
1- مرحلة الإتصالات: هي الإتصال المبدأي بين الدولتين للاتفاق على المعاهدة والاتفاق على الاجراءات.
2- مرحلة المفاوضات: في هذه المرحلة يتم تبادل وجهات النظر بسن الاطراف للوصول لاتفاق معين وقد تكون هذه المفاوضات اما على شكل جلسات سرية او جلسات علنية بين الاطراف، أما الفئات المخولة لاجراء المفاوضات حسب المادة (7) من اتفاقية فينا للمعاهدات:
رؤوساء الدول.
وزراء الخارجية لدول.
رؤوساء البعثات الدبلوماسية.
المندبون لدى الهيئات الدولية.
وغير ذلك يجب ابراز اوراق التفويض
3- مرحلة تحرير المعاهدات: حيث جرت العادة الى تحرير المعاهدة كتابية حسب اتفاقية فينا الا انه تحرير المعاهدة شفاهياً لا يخل من قوتها القانونية الا ان تحرير المعاهدة اصبح من الضروريات في صياغة المعاهدة كما انه يمكن تحرير المعاهدة في لغة واحد او اكثر من لغة اذا كانت الدول الاطراف مختلفة اللغات حيث تكون المعاهدة الخاصة لكل دولة بلغتها الخاصة مع تساوي المعاهدة في قوتها القانونية وقوتها في التفسير ،وتلى رغم من عدم اتخاذ المعاهدة شكل معين الا انه يتم صياغتها في الشكل الاتي:
الديباجة: وهي مقدمة المعاهدة حيث يذكر فيها فحوى المعاهدة واسماء الدول الاطراف.
الأحكام: بحيث تحتوي على صلب المعاهدة وتتناول موضوع المعاهدة، دخولها حيز التنفيذ، شروط الانضمام للمعاهدة لدول التي لم تنضم للمعاهدة وقت انشائها كما يلحق هذه المعاهدة برتوكول وذلك لتفسير بنود المعاهدة وتكون قوتها الالزامية بنفس قوة المعاهدة.
الخاتمة: وتشمل الخاتمة اسماء المندوبين بشكل كامل اما اذا كان التوقيع المندوبين بالاحرف الاولى لاسماء هؤلاء المندوبين فهذا يعني ان الدولة لم توافق بعد على المعاهدة اي هناك تشاور للموافقة عليها وفي حالة الموافقة فانه يتم كتابة اسماء المندوبين بشكل كامل ،اما في حالة الرفض لا يتم تسجليهم نهائياً وحسب اتفاقية فينا لا يعتبر التوقيع بالاحرف الاولى للمندوبين ملزم لدولة الا اذا وافقت عليها نهائياً كما ان اشترطت التوقيع بالاحرف الاولى لاسماء المندوبين في حالة الاجازة اللاحقة
التصديق: لا يعتبر التوقيع فقط على المعاهدة ملزم لدولة بتنفيذ المعاهدة حيث تعتبر الوسيلة الاهم لإلزام الدولة على تنفيذ الاتفاقية هي التصديق عليها ويقصد بالتصديق على المعاهدة هو اجراء لاقرار السلطات في الدولة على الموافقة على المعاهدة وكما سبق الذكر يعتبر التصديق هو اهم اجراء لالزامية المعاهدة حيث ان عدم الحصول على تصديق في المعاهدة الثنائية قد يؤدي الى اسقاطها اما في المعاهدات متعددة الاطراف قد تحتاج الى عدد معين من التصديقات كما ان الجهة المخولة بالتصديق على المعاهدة قد تكون متمثلة في رئيس الدولة او قد تكون لرئيس الدولة مع الهيئات والسلطات في دولته وتختلف حسب الانظمة من دولة لاخرى وقد يكون التصديق على المعاهدات ام صراحة او ضمناً ويقصد بضمناً هنا ان تبدأ الدولة بتنفيذ بنصوص المعاهدة داخل الدولة دون ان تعلن.
تسجيل المعاهدة ونشرها: يتم تسجيل المعاهدة لدى الامانة العامة للامم المتحدة بلغات الرسمية للامم المتحدة ويهدف هذا التسجيل الى انكار المعاهدات السرية التي قد تهدد الامن وسلام الدولين كما ان الهدف من تسجيل هذه المعاهدات هو عملها كمرجع للعودة اليه في حالة لزوم وهذا الاجراء نصت عليه كل من عصبة الامم المتحدة وميثاق الامم المتحدة واتفاقية فينا.
مع تطور المجتمع الدولي وولادة دول جديدة ومنظمات دولية بشكل مستمر وولادة مجالات جديدة ومشكلات جديدة وبحاجة الى تكاتف دولي واتفاقيات الى حلها زادت اهمية اتفاقية فينا بشأن قانون المعاهدات المعاهدات الدولية حيث تعتبر المصدر الاول لكافة الدول العالم في حال لجوئهم الى اتفاقيات ومعاهدات جديدة.
.
التعليقات