الأحد - الموافق 26 يناير 2025م

طبيعة الاتهامات الموجهة لطبية النساء والولادة بمستشفى كفر الدوار ..بقلم الدكتور عادل عامر

أن الاعتداء علي مبادئ القيم الأسرية وحرمة الحياة الخاصة وإزعاج الأخرين يشكل جريمة جنائية، ويجب أن تترسخ في الثقافة الجمعية للمواطنين حماية الحرية الشخصية واحترام خصوصية الآخرين، وأن يتحمل الجميع مسؤولياته في نشر الوعي والتنشئة الاجتماعية الصحيحة، والمحافظة علي قيم مبادئ هذا المجتمع الأصيل، وأن الأصل العام يعد مثل هذه الأفعال جرائم يعاقب عليها القانون، وذلك لأن الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة يعد تعديا صارخا على نص دستوري يصون ويحمى الحياة الخاصة لكل إنسان.

سنتعرض خلاله الجرائم والعقوبات المقررة التي تواجهها طبيبة كفر الدوار، وسام شعيب، التي لا تزال ردود الأفعال بشأنها مستمرة، فبعد إلقاء القبض عليها بسبب شكاوى ضدها بإفشاء أسرار مرضاها، توالت البلاغات والشكاوى في حقها، بينما خرجت في مقطع فيديو لتدافع عن نفسها، فقد تقدمت عدة مؤسسات من المجتمع المدني ببلاغات ضدها، من بينها مؤسسة تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ومبادرة حقي، ومبادرة بر أمان، وغيرها من المؤسسات الحقوقية، فضلا عن البلاغات المنفردة من المواطنين بالتعدي على القيم الأسرية.

نصت المادة ( 20 ): “على الطبيب أن يبذل كل ما في وسعه لعلاج مرضاه وأن يعمل على تخفيف آلامهم وأن يحسن معاملتهم وأن يساوى بينهم في الرعاية دون تمييز”، كما نصت المادة ( 30 ) : لا يجوز للطبيب إفشاء أسرار مريضه التي اطلع عليها بحكم مهنته إلا إذا كان ذلك بناء على قرار قضائي أو في حالة إمكان وقوع ضرر جسيم ومتيقن يصيب الغير أو في الحالات الأخرى يحددها القانون .

نصت المادة ( 29 ): “لا يجوز للطبيب إجراء عملية الإجهاض إلا لدواعي طبية تهدد صحة الأم ويكون ذلك بشهادة كتابية من طبيبين متخصصين، وفى الحالات العاجلة التي تتم فيها العملية لدواعي إنقاذ الحياة يجب على الطبيب المعالج تحرير تقرير مفصل عن الحالة يرفق بتذكرة العلاج” .

أي طبيب يخرج عن قواعد ولائحة آداب المهنة والأصول الطبية المستقر عليها والمعمول بها، يتم إحالته للتحقيق وللهيئة التأديبية لتحديد العقوبة المستحقة عليه، التي قد تصل إلى الشطب من جدول نقابة الأطباء ما قررته الطبيبة بالفيديو يشكل جريمة جنائية؟

لأنها اتهمت المريضة بالزنا وحملها قبل زواجها رسميا بالرغم من أنها ليست جهة تحقيق ولم تطلع علي قسيمة زواج المريضة، وأن ما قررته الطبيبة يشكل جريمة، وفقا لقانون العقوبات وقانون تنظيم الاتصالات، وذلك كالآتي:

أولا: قانون العقوبات:

ما قررته الطبية بمثل جريمة القذف المنصوص عليها بالمادة 302 من قانون العقوبات على أنه: “يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة أحدي الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسندت إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عن أهل وطنه”، كما تنص المادة 308 من ذات القانون على أنه “إذا تضمن العيب أو الإهانة أو القذف أو السب الذي ارتكب بإحدى الطرق المبينة في المادة “171” طعناً في عرض الأفراد أو خدشاً لسمعة العائلات تكون العقوبة الحبس والغرامة معاً في الحدود المبينة في المواد (179, 181, 182, 303, 306, 307) على ألا تقل الغرامة في حالة النشر في إحدى الجرائد أو المطبوعات عن نصف الحد الأقصى وألا يقل الحبس عن ستة شهور”.

من المقرر بنص المادة 171 من قانون العقوبات أنه: “٠٠٠ ويعتبر القول أو الصياح علنياً إذا حصل الجهر به أو ترديده بإحدى الوسائل الميكانيكية في محفل عام أو طريق عام أو أي مكان آخر مطروق أو إذا حصل الجهر به أو ترديده حيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان أو إذا أذيع بطريق اللاسلكي أو بأية طريقة أخرى، ويكون الفعل أو الإيماء علنياً إذا وقع في محفل عام أو طريق عام أو في أي مكان آخر مطروق أو إذا وقع بحيث يستطيع رؤيته من كان في مثل ذلك الطريق أو المكان، وتعتبر الكتابة والرسوم والصور الشمسية والرموز وغيرها من طرق التمثيل علنية إذا وزعت بغير تمييز على عدد من الناس أو إذا عرضت بحيث يستطيع أن يراها من يكون في الطريق العام أو أي مكان مطروق أو إذا بيعت أو عرضت للبيع في أي مكان” –

ثانيا: قانون تنظيم الاتصالات؟

فوفقا للمادة (76) قانون رقــم 10 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون تنظيم الاتصالات: (مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: 1-استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات، 2-تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات)

تسببت الثورة المعلوماتية في ظهور نوعية جديدة من الجرائم المستحدثة والتي تعرف بالجرائم الإلكترونية أو المعلوماتية والتي تتم عبر وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعبر شبكة الأنترنت، منها الاستخدامات الخاطئة للتكنولوجيا جعلت البعض من أصحاب النفوذ الضعيفة سواء كان ذلك لحب الشهرة أو جذب الانتباه لهم أو للكسب المالي السريع أو لأي سبب أخري يتعدوا على المبادئ أو القيم الأسرية.

الاعتداء علي مبادئ القيم الأسرية وحرمة الحياة الخاصة

حيث تنص المادة 57 من دستور 2014 على أن: “للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة وفقا لأحكام القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها”، فيجب توعية المواطن من جرائم السوشيال ميديا التي يقع فيها دون علم، ولكن جهله بالقانون هذا ليس عذرا مقبولا من الناحية القانونية، وأن المحاكم أصبحت تكتظ بالقضايا الإلكترونية. هناك عوامل اجتماعية مختلفة ودوافع عديدة وراء مثل هذه الجرائم، التي انتشرت في السنوات الأخيرة منها:

(1) تراجع منظومة القيم الاجتماعية الراسخة في المجتمع.

(2) تقلص الرقابة الأسرية إنّ تفاقم مشكلات غياب الرقابة الأسرية، ونقص الوعي والتوجيه، وعدم القدرة على الإشباع العاطفي للأبناء وحتى البالغين، والتربية بالمنع أو العقاب بدلاً من التوعية والإشباع النفسي، وانتشار ثقافة الاستعراض من خلال نشر الصور والمعلومات الشخصية بحثاً عن الاهتمام والانتباه من قبل الآخرين، والفراغ النفسي والعاطفي .

3- التنشئة غير الصحيحة ونقص الوعي. والكبت الاجتماعي، والأسري ” وغياب السلطة الأبوية”، حيث ينشأ الابن أو البنت في بيئة خالية من التواصل والود، والبيئة الصحية للنمو.

(4) الانفتاح الاجتماعي (الصدمة الثقافية). لقد أسهم الانفتاح الهائل والمفاجئ على خصوصيات الأشخاص الآخرين، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، والأجهزة الإلكترونية وسهولة الوصول إلى الآخرين إلي حدوث ما يعرف بالصدمة الثقافية لدى مستخدمي هذه الشبكات، وعدم القدرة على إدارة العلاقات مع الآخرين نتيجة نموه في بيئة خالية من حوافز النمو الصحي.

التعدي على حرية الأشخاص

جدير بالذكر إذا ما اعتدى أي إنسان على الحرية الشخصية للمواطنين أو أساء إليهم أو أزعجهم عمدا، أو اعتدى على القيم والمبادئ الأسرية، فهذا الأفعال مجرمة قانوناً، حيث وضع القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات عقوبات للجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع على شبكة الإنترنت، ففي هذه النوعية من الجرائم يستخدم فيها المتهمون شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لبث سمومهم في المجتمع والتعدي على قيمه ومبادئه، حيث وضع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات أو ما يعرف بـ “جرائم الإنترنت” عقوبة الحبس أو الغرامة لهذه الأفعال.

وتنص المادة 25 من القانون على: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياه الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارا أو صورا وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.

كما تنص المادة 26 من القانون على: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية في معالجة معطيات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة، أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس باعتباره أو شرفه”، ويجب التصدي للجرائم الإلكترونية بكل حزم وفقاً للقانون.

لأن مهنة الطب مهنة إنسانية سامية وضع قانون العقوبات عقوبة إفشاء أسرار المرضي فنصت المادة 310 منه على ” كل من كان من الأطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم، مودعاً إليه بمقتضى صناعته أو وظيفته سر خصوصي ائتمن عليه فأفشاه في غير الأحوال التي يلزمه القانون فيها بتبليغ ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 شهور، أو بغرامة لا تتجاوز 500 جنيه مصري، ولا تسرى أحكام هذه المادة إلا في الأحوال التي لم يرخص فيها قانون بإفشاء أمور معينة، كالمقرر في المواد 202 و203 و204 و205 من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية.

ويعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة، أو كان بغير رضاء صاحب الشأن، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه، ويعاقب بالسجن الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.

 

 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك