وضع الإتحاد المصري للعمال والفلاحين برئاسة محمد محمد عبد المجيد هندي روشتة كاملة للأحزاب السياسية في مصر ،كشف من خلالها الأسباب الحقيقية وراء سقم هذه الأحزاب وتهميش دورها الذي ينبغي أن تقوم به ،موضحا الأمور المتطلبة لتطوير العمل الحزبي ،وواجبات الحكومة نحو العمل الحزبي .
الروشتة التي وضعها رئيس الاتحاد المصري للعمال والفلاحين ،أكدت أن تطوير الأحزاب المصرية أصبح ضرورياً لتأخذ هذه الأحزاب دورها في تنمية المجتمع ، وهذا التطور بحاجة لأن تأخذ القيادات الحزبية دورها في ذلك من خلال الابتعاد عن المصالح الشخصية والالتصاق بالكرسي وفتح الباب أمام الانتساب لهذه الأحزاب، كما أن هناك ضرورة لتغيير الصورة النمطية للأحزاب لدي الناس والتي جعلتها متهمة في نظر الجميع وتصحيح هذه الصورة يحتاج إلي الكثير من التغيير في السياسات من جميع المعنيين بهذه القضية.
وطالب هندي ، جميع الأحزاب السياسية بالتكاتف من اجل إعلاء مصلحة الوطن في الوقت الصعب التي تمر به البلاد والعمل على الاكتتاب وإقامة المشروعات ،ويكون هذا تحت رقابة سوق المال والبنك المركزي، لتعظيم دور الأحزاب في المشاركة المجتمعية بالجهود الذاتية والشراكة في التنمية ورفع بعض الأعباء عن الدولة فيما يختص بمواجهة البطالة والناتج القومي من اجل بناء دولة قوية، فان الدولة المصرية ليست لخدمة أيّ حزب ولن تكون أداة لتنفيذ أجندات فئوية أو إيديولوجيّة، وستعمل علي تنقية المناخ الانتخابي علي قاعدة الكفاءة ونظافة اليدين والاستقلالية وحياد المواقع الإدارية ذات الصلة وتحسين الأوضاع الأمنية دون انغماس في تصفية حزبيّة أو سياسيّة لهذا الطرف أو ذاك وأن يضع كلّ الأطراف السياسية والاجتماعيّة أمام مسؤولياتها التاريخية والوطنية .
وقال هندي ، لقد انتهي اليوم وقت إضاعة المجهود في المناكفات والتجاذبات الحزبيّة والاحتجاجات العشوائيّة مثلما يحدث كل يوم في الشارع المصري وعلي كل الأطراف الحزبية والسياسية العمل السريع لإنقاذ الدولة المصرية من الانهيار، حيث أن تطوير الحياة الحزبية يتطلب توفير قواعد أساسية وهي الحريات، وحقوق الإنسان،و العدالة ، والديمقراطية ، هذا فضلا عن توافر قانون أحزاب حديث عادل ومنفتح ثم قانون انتخاب حديث غير القانون المشئوم والمطبق حالياً، فإذا وجدت هذه الحريات يصبح الإنسان حراً في اختيار الحزب أو الطريقة التي يخدم بها الوطن ونفسه ،ومن ثم يصبح العمل الحزبي عملا تطوعيا يختاره الناس من القادرين علي العمل والأداء ، وبهذا يصبح لدينا أبواب مفتوحة لعمل الخير وأداء حق الإصلاح علي القادرين من الناس وهذا بدوره يؤدي إلي نضج الحياة الحزبية وتزول الحواجز التي تمنع المواطن من أداء واجبه.
وذكر هندي ،أن الأحزاب يتطلب منها أولا أن تكون أهدافها وبرامجها واضحة، وأن تكون إصلاحية تطوعية ،وأن تعمل بشكل منفتح وواضح ، وان تكون فيها مجالات للعمل لكل مواطن دون استثناء ،وان تخدم الأهداف العليا للدولة المصرية ،وأن تعمل علي بناء حضارة تمثل عقيدة الأمة وفكرها وفلسفتها الحياتية وبهذا يكون العمل الحزبي إصلاحيا خيريا يعمل علي بناء صورة الأمة الحقيقية ويجعل التنافس بين الناس في عمل الخير وبذلك تزدهر الحياة الحزبية وتزدهر حياة المواطن وتبني حضارة الأمة.
وأوضح هندي ، أن عدم اقتناع المواطنين بالأحزاب عائد للتشويه المتعمد لعمل الأحزاب والذي بني علي مدار عشرات السنين في غياب الحريات وتشويه صورة العمل الحزبي علي أنه عمل سياسي ، كما أن كثيراً من الحكومات كانت تمنع الحريات وتمارس الديكتاتورية ولا تعترف بحقوق الإنسان التي جاءت في الدستور ،وكذلك تم تنفير الناس من هذه الأحزاب ومعاقبة المنتسبين إليها ، فالذي يري أن يتجنب العقوبة ومحاربة السياسات عليه أن يتجنب الأحزاب والعمل بالسياسة وبهذا تم تشويه العمل الحزبي وصورة الأحزاب ، ومن هنا نؤكد علي أن عمل الأحزاب إصلاحي تطوعي ومن متطلباته عمل الخير وخدمة المجتمع المصري وعلي الحكومة أن تبرز هذه المعاني وان تزيل المعوقات أمام العمل الحزبي.
وأضافت الروشتة ،أن الحياة الحزبية لا يمكن أن تتطور إلا بوجود مناخ عام من الحرية كاف للحركة يتقبل الرأي والرأي الآخر وأن نعتبر الأحزاب من مكونات الوطن وأن تزال من أمامها كافة المعوقات، وبالمعني الأصح إشراك الناس في القضايا العامة وهذا لن يتأتي إلا من خلال وضع تشريع قانوني يزيل كل العقبات ابتداء من قانون انتخاب عادل يضمن المنافسة والمشاركة وهدفه الأساسي الوصول إلي تداول السلطة. كما أن أجواء البطالة والفقر تعتبر معوقة لتقدم الأحزاب وكذلك الوضع الاقتصادي لا يساعد في تكوين الأحزاب و لا تساعد في تكوين مجموعات للدفاع عن حريات المواطنين ،كما أن الفردية وهي سمة أساسية لمجتمعنا فالإنسان لا يبحث إلا عن ذاته من خلال الحزب ،وأيضا الواسطة والمحسوبية انعكاس للواقع الذي نعيشه.
وأشار هندي ، إلى أن المطلوب من الأحزاب العمل الجدي ، فليس هناك أحزاب قوية فهي أحزاب مجرد دكاكين ونخب، ونحن في مرحلة فيها حلقة مفقودة وأحزابنا هي أحزاب برامج ولن تنجح في المستقبل طالما أنها بقيت هكذا كما أن التطورات الداخلية والخارجية لها تأثير مباشر علي المواطن تجعله لا يقتنع بالعمل الحزبي فكيف يمكن تطوير الأحزاب والعمال والطلبة بعيدين عن العمل السياسي ضمن هذا التفكير ،وأيضا فالأحزاب قصتها قديمة عاشت متهمة ومقموعة والحزبيون الذين صمدوا في السابق دفعوا الثمن غالياً وهذه التهمة ولدت لدي الناس عقدة من العمل الحزبي.
ولفت هندي ، إلى أن الحكومة مطلوب منها أن لا تظل تراقب العمل الحزبي من نافذة ضيقة بل عليها أن تتابع بكل جدية إذا أرادت تنمية سياسية وحزبية حقيقية وذلك من خلال قانون أحزاب متطور يأخذ بعين الاعتبار عدم السيطرة من قبل فئة محدودة علي الحزب وإلغاء وجود القيادة الأبدية ومتابعة العضوية الحقيقية في التنظيمات وعدم بقائها تنظيمات علي الورق يتم من خلالها خداع القيادة لمؤتمراتها وخداع الأحزاب للحكومة علي أن يحتوي القانون علي حد أدني للعضوية في الأحزاب تحت طائلة العقوبة، أو الحل، ووضع حوافز حقيقية مادية ومعنوية لكل حزب يستطيع النمو والانتشار في صفوف الجماهير.
وتطرق هندي، إلى أن أسباب عدم اقتناع المواطن بالانضمام للأحزاب، فهي متعددة منها ذاتي وآخر موضوعي ومن بين هذه الأسباب خشية المواطن من ان الظروف الديمقراطية الحالية ‘استراحة بين شوطين’ تعود السلطة بعدها إلي ما كانت عليه قبل الانفراج الديمقراطي الذي حصل عام 2011. وأيضا اطلاع المواطن علي التجارب المريرة التي عاشها والده أو شقيقه أو قريبه أو جاره نتيجة انضمامه لحزب في فترة ما قبل الديمقراطية من سجن وتعذيب وطرد من عمل وعدم السماح له بالعمل في دوائر الحكومة وما تبع ذلك من جوع وفقر وعوامل تنكيد لحياته. وكذلك عدم انفتاح الأحزاب علي الجماهير وخاصة القيادات المتسلطة في بعض الأحزاب وخشيتها من انضمام البعض من المثقفين وذوي الوعي التنظيمي خوفاً علي مواقعها الأبدية التي وصلت حد الاهتزاء وأيضا وصول بعض المواطنين الي حد اليأس من العمل السياسي انطلاقاً من الظروف السائدة في الوطن العربي من وهن وضعف عربي امام القوة والجبروت التي تتحكم فيها الامبريالية المتصهينة في مقدرات الأمة العربية. وكذلك انحناء غالبية الأنظمة العربية امام الهجمة التي يمارسها اعداء الأمة وعدم استنهاض الجماهير للوقوف في وجه هذه الهجمة.
وقال هندي ، المطلوب لتطوير الحياة الحزبية تغيير قانون الأحزاب بقانون عصري وذلك بعد الحوار مع الفعاليات السياسية وأيضا توفير الدعم المالي لها ومطلوب من الأحزاب أن تحفز جيل الشباب والقطاع النسائي للانتساب إلي الأحزاب وذلك من خلال تقديم برامج مقنعة وتعزيز مفهوم الولاء والانتماء للوطن من خلال مشاركة المواطنين همومهم وبنفس المستوي الذي يتم فيه مشاركة هموم الدول المجاورة فاعدم اقتناع المواطنين بالأحزاب إلي المواريث الاجتماعية الخاطئة والتي تحمل في مضمونها الخوف من الأجهزة الأمنية وكذلك عدم وجود برنامج حزبي متكامل يرضي أبناء الوطن. وكذلك عدم اقتناع المواطنين بالقائمين علي الأحزاب السياسية إي شخصنه الأمور وأيضا عدم وجود نشاط ملحوظ وفعال للأحزاب على ارض الواقع ملموس للعامة وإنما هي مجرد كلام في كلام إضافة إلي الصراع بين قيادة الحزب الواحد علي المراكز والمناصب القيادية والتي تؤدي بدورها إلي الاستقالات.
وأكد هندي ،علي أهمية التنمية السياسية وأهمية أن تشرف عليها الدولة رسميا لافتا إلي أن عدم تعزيز ونشر التنمية السياسية بين مختلف شرائح المجتمع سيبقي العمل الحزبي علي الساحة المصرية غير مكتمل موضحا بان التجارب السابقة في مجال العمل الحزبي دفعت غالبية المواطنين للعزوف من المشاركة في الحياة الحزبية وعدم قناعتها بصدق الحكومة في الديمقراطية. وأوضح هندي ،أن كسر حاجز الخوف من العمل الحزبي سيدفع المئات من طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس للانخراط في الأحزاب. مؤكدا أن القوانين السائدة والمتعلقة بالأحزاب وخاصة قانون الأحزاب وقانون الاجتماعات العامة وقانون الانتخابات البرلمانية غير كافية لتفعيل الحياة الحزبية في مصر علي المستوي الأمثل وما يتناسب مع التوجه الحكومي لخلق تنمية سياسية، خاصة وان الأحزاب السياسية احدي أدوات التنمية السياسية الفاعلة، داعيا إلي إيجاد تشريعات جديدة تأخذ بعين الاعتبار حالة التطور في المجتمع وتطور النظرة إلي الأحزاب باعتبارها مؤسسات وطنية، إضافة إلي باقي مؤسسات المجتمع المحلي الاخري من نقابات واتحادات وجمعيات .
وأضاف هندي، ـأن الجامعات والكليات والمدارس تعتبر مراكز أساسية لخلق الثقافة والوعي لدي الطلبة، وان ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات تسهم في بلورة الثقافة الملتزمة بحب الوطن والأمة، وإيجاد جيل قادر علي الاهتمام بوطنه وأمته مستهجنا إصرار الحكومات علي التضييق علي الطلبة في جامعاتهم وكلياتهم ومنعهم من ممارسة حقهم في العمل السياسي والحزبي.
واشارهندى، أن العزوف عن الأحزاب يعود لافتقار الأحزاب للبرامج السياسية بالإضافة لارتباطها بشخص واحد يحرك الشارع المصري مشيرا إلي أننا مصريين مطلوب منا ممارسة حقوق المواطنة الصحيحة من حيث الالتزام بمبادئنا وديننا الذي يحث علي الحرص علي مقدرات وثروات هذا الوطن وان تكون حصص القومية الوطنية أساسية في المدارس وان نخضع موظفي الدولة المصرية لدروس ومحاضرات في التنمية السياسية لزيادة الوعي بهذا الجانب
التعليقات